فالنبيُّ ﷺ لم يحكم على مجموعهم بجنة ولا نار، بل أحال على عِلْمِ الله بما كانوا عاملين، وهذا هو المنصوص عن أئمة السُّنَّة كأحمد وغيره (^١)، وهو الذي حكاه أبو الحسن الأشعري في «المقالات» (^٢) عن أهل السُّنَّة والحديث. وقال: وبكلِّ ما ذكرناه مِن قولهم نقول، وإليه نذهب.
ثم هؤلاء الذين يقفون؛ فيهم مَن يقول: يجوز أن يدخلوا جميعُهم النار أو الجنة بلا أمرٍ ولا نهي. ومنهم مَن يقول: بل يُمتَحنون في الآخرة، فمنهم مَن يدخل الجنة ومنهم مَن يدخل النار بمعصيته في الآخرة، وقد جاءت بذلك آثار عن النبي ﷺ وأصحابه والتابعين، وهو الذي حكاه الأشعريُّ عن أهل السُّنَّة [م ٣٤] والحديث.
وقد قال طائفة عن أحمد وغيره: إنهم يدخلون النار، واختاروا ذلك كالقاضي أبي يعلى وغيره، وذلك غَلَطٌ على أحمد، وسببُ الغلط: أن أحمدَ سُئل عنهم، فأجاب أنهم على حديث النبي ﷺ: «الله أعلَمُ بما كانوا عاملين» وهذا الحديث في «الصحيح» من حديث أبي هريرة وابن عباس، كما