مَلَائكَته بقوله ﴿وَإِنَّا لنَحْنُ المسبحون﴾ وَلَعَلَّ الِاكْتِفَاء بالتسبيح عَن النُّقْصَان والزوال ظُهُور صِفَات الْجلَال وَالْجمال على وَجه الْكَمَال وَمن أَسْمَائِهِ الْحسنى القدوس فَلَا لوم على المنزه وَلَو اكْتفى بالتنزيه نعم الْجمع بَين التَّنْزِيه والتحميد أولى كَمَا لَا يخفى على أهل التأييد لقَوْله تَعَالَى حِكَايَة عَن مَلَائكَته ﴿وَنحن نُسَبِّح بحَمْدك ونقدس لَك﴾ وَلما ورد فِي الحَدِيث (سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ) على أَن كلا مِنْهُمَا يتَضَمَّن الْمَعْنى الآخر فَتدبر فَإِنَّهُ فِي حَقِيقَة الْمَعْنى نَظِير كلمة التَّوْحِيد فِي الْمَعْنى فَإِن لَا إِلَه تَنْزِيه وتمجيد وَإِلَّا الله تَوْحِيد وتحميد ثمَّ تَعْلِيله الْمَعْلُول خَارج عَن حيّز الْمَعْقُول وَالْمَنْقُول إِذْ مآله ضَلَالَة فِي جعله الْخلق عين الْحق وَهُوَ الْكفْر الْمُطلق ثمَّ تحسينه للتشبيه مُنَاقض لتحقيق التَّنْزِيه ومعارض لقَوْله تَعَالَى ﴿لَيْسَ كمثله شَيْء﴾ ثمَّ قَول الْحق المنزه هُوَ الْخلق الْمُشبه هُوَ عين بطلَان قَوْله الأول فَتَأمل وتنبه ومجمل كَلَامه وَظَاهر مرامه أَن تَنْزِيه الْحق عين تشبيهه بالخلق لَيْسَ القَوْل الصدْق وَهُوَ كذب بَاطِل إِذْ لَا مُنَاسبَة بَين العَبْد والرب وَبَين الْحَادِث وَالْقَدِيم فَالصَّوَاب مَا ذكره سُبْحَانَهُ فِي الْكتاب ﴿لَيْسَ كمثله شَيْء﴾ أَي فِي ذَاته ﴿وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير﴾ أَي كَامِل فِي مَرَاتِب صِفَاته فَفِي الْجُمْلَة الأولى رد على المشبهة وَفِي الْأُخْرَى إبِْطَال للمعطلة ونفاة