سُبْحَانَهُ وَأَن لَهَا وجودا فِي الْخَارِج غير مُسْتَقل بذاتها بل كالهباء فِي الْهَوَاء وكسراب بقيعة يحسبه الظمآن أَنه المَاء حَتَّى إِذا جَاءَهُ لم يجده شَيْئا وَوجد الله عِنْده لقَوْله تَعَالَى ﴿وَهُوَ مَعكُمْ أَيْن مَا كُنْتُم﴾ ﴿إِنَّه بِكُل شَيْء مُحِيط﴾ وَقَوله سُبْحَانَهُ ﴿وَنحن أقرب إِلَيْهِ من حَبل الوريد﴾ وَهَذَا غَايَة قرب المريد فِي مقَام الْمَزِيد فتعيناتها تعينات علمية صورية لَا تعينات عَيْنِيَّة حَقِيقِيَّة ثمَّ اعْلَم أَن أَرْبَاب الْمعرفَة من الصُّوفِيَّة ضربوا أَمْثَالًا فِي بَيَان الْوحدَة الذاتية وَالْكَثْرَة الأسمائية والصفاتية الْحسنى وَللَّه الْمثل الْأَعْلَى أَن الْأَشْيَاء على اختلافها فِي أكوانها وألوانها بِالنِّسْبَةِ إِلَى نور الْحق وَظُهُور الذَّات الْمُطلق كَمَا إِذا وَقعت الزجاجات والمرايات فِي مُقَابلَة شمس الْوُجُود وَهُنَاكَ فِي مقابلها حدد فِي عَالم الشُّهُود فَلَا شكّ أَن نور الشَّمْس تقع على تِلْكَ المجالي فينطبع آثَار الألوان الْمُخْتَلفَة فِي الْجدر الْمُقَابل لتِلْك المرايا فَتبقى فِي غَايَة من الظُّهُور للانعكاس الْمُسْتَفَاد من ذَلِك النُّور وَالْحَال أَن نور الشَّمْس بِاعْتِبَار وحدة الذَّات معرى ومبرا من الألوان الْمُخْتَلفَة المنطبعة فِي الْمرْآة إِلَّا أَنه لَوْلَا وجود ذَاتهَا لم يتَصَوَّر شُهُود تجلياتها فِي مراياتها فالعارف نظره إِلَى الْحق