وقال تعالى: ﴿قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ﴾ [النمل:٦٥] وقال: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ﴾ [الأنعام: ٥٩]، وعلى قول هذا الأفاك يجوز أن يقال قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله ومحمد، وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ومحمد، وبيان ذلك أنه لو كان أهل قرية لا يحفظ أحد منهم سورة البقرة إلا زيد وعمرو وكان كلامًا صحيحًا مستقيمًا، ما أعظم جراءة هذا الخبيث على هذه الفرية العظيمة مع أن له سلف ضلال وكفر في هذه الدعوى.
حكى شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية ﵀ في رده على الذي جوَّز الاستغاثة بالنبي ﷺ، ذكر عن بعض أهل زمانه أنه جوَّز الاستغاثة بالنبي ﷺ في كل ما يستغاث فيه بالله وصنف فيه مصنفًا وكان يقول: إن النبي ﷺ يعلم مفاتيح الغيب الخمس التي لا يعلمها إلا الله.
قلت ثبت في "الصحيحين" عن عائشة ﵂ قالت: "من حدثكم أن محمدًا يعلم ما في غد فقد كذب" ثم قرأت ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا﴾ [لقمان:٣٤]، لفظ البخاري١
،ولفظ مسلم: "من زعم أن محمدًا يخبر عما في غد فقد أعظم الفرية على الله" ثم قرأت ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا﴾ ٢
_________
"١" صحيح: "صحيح البخاري" "٤٨٥٥".
"٢" صحيح: صحيح مسلم "١٧٧".
1 / 31