Cuntada Quluubta
قوت القلوب
Tifaftire
د. عاصم إبراهيم الكيالي
Daabacaha
دار الكتب العلمية - بيروت
Lambarka Daabacaadda
الثانية
Sanadka Daabacaadda
١٤٢٦ هـ -٢٠٠٥ م
Goobta Daabacaadda
لبنان
ومن المخاوف خوف النفاق، وقد كان السلف لصالح من الصحابة ﵃ وخيار التابعين يخافون ذلك.
كان حذيفة ﵁ يقول: إن كان الرجل ليتكلم بالكلمة على عهد رسول الله ﷺ يصير بها منافقًا حتى يلقى الله تعالى، إني لأسمعها من أحدكم في اليوم عشر مرات.
وكان يقول: تأتي على القلب ساعة يمتلئ بالإيمان حتى لا يكون للنفاق فيه مغرز إبرة، ويأتي عليه ساعة يمتلئ بالنفاق حتى لايكون للإيمان فيه مغرز إبرة.
وكان أصحاب رسول الله ﷺ يقولون: إنكم لتعلمون أعمالًا هي أدق في أعينكم من الشعر كنا نعدها على عهد رسول الله ﷺ من الكبائر وفي لفظ آخر: من الموبقات.
وقد كان الحسن ﵀ يقول: لوأني أعلم أني بريء من النفاق كان أحب إلي مما طلعت عليه الشمس.
وقيل: لايعرى من النفاق إلاثلاث طبقات من المؤمنين: الصديقون والشهداء والصالحون، وهؤلاء الذين مدحهم اللّه تعالى بكمال النعمة عليهم، وألحقهم بمقامات أنبيائه لكمال الإيمان وحقيقة اليقين فيهم، وقيل من أمن من النفاق فهو منافق.
وكان بعضهم يقول: علامة النفاق أن يكره من الناس ما يأتي مثله، وأن يحب على شيء من الجور، وأن يبغض على شيء من الحق، ومن النفاق من إذامدح بما ليس فيه أعجبه ذلك.
وعلامات النفاق أكثر من أن تحصى، يقال هي سبعون علامة، والحديث عن رسول اللّه ﷺ في أربع هن أصولها تتشعب منها الفروع فقال ﵊ أربع من كن فيه فهو منافق خالص وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم، وإن كانت فيه خصلة منهن ففيه شعبة من نفاق حتى يدعها: من إذا حدث كذب؛ وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان، وإذا خاصم فجر وفي لفظ آخر إذا عاهد غدر فصارت خمسًا.
وقال رجل لابن عمر ﵄: إنا ندخل على هؤلاء الأمراء ونصدقهم بما يقولون فإذا خرجنا تكلمنا فيهم، فقال: كنا نعد هذا نفاقًا على عهد رسول الله ﷺ.
وروينا عنه من طريق آخر أنه سمع رجلًا يذم الحجاج ويقع فيه فقال له: أرأيت لو كان الحجاج حاضرًا أكنت تتكلم بما تكلمت به؟ قال لا، قال: كنا نعد هذا نفاقًا على عهد رسول اللّه ﷺ.
وأشد من ذلك أن نفرًا قعدوا على باب حذيفة ﵁ ينتظرونه، فكانوا يتكلمون في شيء من شأنه، فلما خرج عليهم سكتوا حياء منه، فقال: تكلموا فيما كنتم تقولون فسكتوا، فقال: كنا نعد هذا نفاقًا على عهد رسول الله ﷺ.
وأعظم من هذا ما كان الحسن ﵀ يذهب إليه، كان يقول: إن من النفاق اختلاف السر والعلانية، واختلاف اللسان والقلب، والمدخل والمخرج.
1 / 390