Cuntada Quluubta
قوت القلوب
Baare
د. عاصم إبراهيم الكيالي
Daabacaha
دار الكتب العلمية - بيروت
Lambarka Daabacaadda
الثانية
Sanadka Daabacaadda
١٤٢٦ هـ -٢٠٠٥ م
Goobta Daabacaadda
لبنان
حَديثًا) النساء: ٨٧ فتاب عليكم وعفا عنكم وقال تعالى في مثله: (وَهُو الَّذي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عن السَّيِّئاتِ) الشورى: ٢٥
وقال بعض العلماء: لا تصحّ التوبة لعبد حتى ينسى شهواته ويكون ذاكرًا للحزن لا يفارقه قلبه ذاهبًا عن الذنب لا يخالج سرّه، وقال بعض علماء الشام: لا يكون المريد تائبًا حتى لا يكتب عليه صاحب الشمال معصية عشرين سنة، وقال بعض السلف: من علامة صدق التائب في توبته أن يستبدل بحلاوة الهوى حلاوة الطاعة وبفرح ركوب الذنب الحزن عليه والسرور بحسن الإنابة، وقال بعض العلماء في معناه: لا يكون العبد تائبًا حتى يدخل مرارة مخالفة النفس مكان حلاوة موافقتها، وحدثنا في الإسرائيليات: إن الله ﷿ قال لبعض أنبيائه وقد سأله قبول توبة عبد بعد أن اجتهد سنين في العبادة ولم يرَ قبول توبته فقال له: وعزتي وجلالي لو شفع فيه أهل السموات والأرض ما قبلت توبته وحلاوة ذلك الذنب الذي تاب منه في قلبه ومن بقيت حلاوة المعصية في قلبه أو نظر إليها إذا ذكرها بفكره خيف عليه العود فيها إلا بشدة مجاهدة وكراهة لها ونفي خاطرها عن سره إذا ذكرها بالخوف والإشفاق منها، وقال أبو محمد سهل: أول ما يمر به المبتدئ المريد التوبة وهو تحويل الحركات المذمومة إلى حركات محمودة ويلزم نفسه الخلوة والصمت ولا تصحّ له توبة إلا بأكل الحلال ولا يقدر على الحلال حتى يؤدي حق الله تعالى في الخلق وحق الله تعالى في نفسه ولا يصح له هذا حتى يتبرأ من حركته وسكونه إلا بالله تعالى وحتى لا يأمن الاستدراج بأعمال الصالحات وحقيقة التوبة أن يدع ما له حتى لا يدخل فيما عليه ولا يكون يسوف أبدًا إنما يلزم نفسه الحال في الوقت.
وحدثونا عن سري السقطي أنه قال: من شرط التوبة أن ينبغي للتائب المنيب أنه يبدأ بمباينة أهل المعاصي ثم بنفسه التي كان يعصى الله تعالى لها ولا ينيلها إلا ما لا بدّ منه ثم الاعتزام على أن لا يعود في معصية أبدًا ويلقى عن الناس مؤونته ويدع كل ما يضطره إلى جريرة ولا يتبع هوى ويتبع من مضى من السلف، وينبغي لأهل التوبة أن يحاسبوا نفوسهم في كل طرفة ويدعوا كل شهوة ويتركوا الفضول وهي ستة أشياء: ترك فضول الكلام، وترك فضول النظر، وترك فضول المشي، وترك فضول الطعام، والشراب، واللباس، قال: ولا يقوى على ترك الشبهات إلا من ترك الشهوات، وسئل يحي بن معاذ ﵀ كيف يصنع التائب؟ فقال: هو من عمره بين يومين، يوم مضى ويوم بقي، فيصلحهما بثلاث: أما ما مضى فبالندم والاستغفار، وأما ما بقي فبترك التخليط وأهله ولزوم المريدين ومجالسة الذاكرين والثالثة لزوم تصفية الغذاء والدأب على العمل، ومن علامة صدق التوبة رقة القلب وغزارة الدمع، وفي الخبر: جالسوا التوابين فإنهم أرقّ شيء أفئدة ومن التحقق بالتوبة أن يستعظم ذنوبه فإنه يقال إن الذنب
1 / 306