297

Cuntada Quluubta

قوت القلوب

Baare

د. عاصم إبراهيم الكيالي

Daabacaha

دار الكتب العلمية - بيروت

Lambarka Daabacaadda

الثانية

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٦ هـ -٢٠٠٥ م

Goobta Daabacaadda

لبنان

إنَّ الله يُحِبُّ الْتَّوَّابينَ وَيُحِبُّ الْمُتطَهِّرينَ) البقرة: ٢٢٢، وكما قال رسول الله ﷺ: التائب حبيب الله والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وسئل الحسن عن التوبة النصوح: فقال هي ندم بالقلب واستغفار باللسان وترك بالجوارح وإضمار أن لا يعود إليه.
وقال أبو محمد سهل ﵀ ليس من الأشياء أوجب على هذا الخلق من التوبة ولا عقوبة أشد عليهم من فقد علم التوبة وقد جهل الناس علم التوبة وقال: من يقول إن التوبة ليست بفرض فهو كاف، ومن رضي بقوله فهو كافر وقال: التائب الذي يتوب من غفلته في الطاعات في كل طرفة ونفس، وقد جعل عليّ كرم الله وجهه ترك التوبة مقامًا في العمى وقرنه باتباع الظن ونسيان الذكر فقال في الحديث الطويل: ومن عمي نسي الذكر واتبع الظن وطلب المغفرة بلا توبة ولا استكانة ففرض التوبة الذي لا بد للتائب منه ولا يكون محقًا صادقًا إلا به الإقرار بالذنب والاعتراف بالظلم ومقت النفس على الهوى وحلّ الإصرار الذي كان عقده على أعمال السيئات وإطابة الغذاء بغية ما يقدر عليه لأن الطعمة أساس الصالحين ثم الندم على ما فات من الجنايات.
وحقيقة الندم إن كان حقًا إذ لكل حق حقيقة أن لا يعاود إلى مثل ما وقع الندم عليه ثم اعتقاد الاستقامة على الأمر ومجانبة النهي وحقيقة الاستقامة أن لا يقابل ما استقبل من عمره بمثل ما وقع الاعوجاج به وأن يتبع سبيل من أناب إلى الله وأن لا يصحب جاهلًا فيرديه ثم الاشتغال بإصلاح ما أفسد في أيام بطالته ليكون من المصلحين الذين تابوا وأصلحوا ما أفسدوا فإن الله ﷿ لا يصلح عمل المفسدين كما لا يضيّع أجر المحسنين ثم الاستبدال بالصالحات من السيئات والصالحات من الحسنات ليكون ممن تبدل سيئاته حسنات لتحققه بالتوبة وحسن الإنابة لأن التبديل يكون في الدنيا يبدّل بالأعمال السوأى أعمالًا حسنى بدليل قوله تعالى: (إنَّ الله لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) الرعد: ١١ فإذا غيّر ما بهم من سيّءٍ حسنًا بدّل سيئاتهم حسنات ثم الندم ودوام الحزن وحقيقة الندم والحزن على الفوت أن لا يفرط ولا يني في وقت دركه ولا يرجع ولا ينثني في حيز استبداله فيفوت نفسه وقتًا ثانيًا إذ كان يعمل في درك ما فات ولا يفوت ما أدرك في حال تيقظه فتكون يقظته شبيهًا بما مضى من غفلته إذ كان في درك ما فات شبيهًا بما مضى من غفلته إذ لا يدرك الفوت بالفوت ولا ينال النعيم بالنعيم ليكون كما وصف الله تعالى: (وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا علمًا صالحًا وآخر سيئًا) قيل: الاعتراف والندم، وقال أبو سليمان الداراني: لو لم يبك العاقل فيما بقي من عمره إلا على فوت ما مضى منه في غير الطاعة لكان خليقًا أن يحزنه ذلك إلى الممات فكيف بمن يستقبل ما بقي من عمره بمثل ما مضى من جهله.
وقال سهل بن عبد الله: التائب لا يقله شيء يكون قلبه متعلقًا بالعرش حتى يفارق النفس ولا عيش له إلا الضرورة للقوام ويغتمّ على ما مضى والجدّ في الأمر ومباينة النهي

1 / 303