Cuntada Quluubta
قوت القلوب
Baare
د. عاصم إبراهيم الكيالي
Daabacaha
دار الكتب العلمية - بيروت
Lambarka Daabacaadda
الثانية
Sanadka Daabacaadda
١٤٢٦ هـ -٢٠٠٥ م
Goobta Daabacaadda
لبنان
ولا يصلح أيضًا أن يكشف عن وصف هؤلاء المحبين لأن حالهم يجلّ عن الوصف ومقامهم يجاوز علوم العقل والوقت، إلا أن الله تعالى أحكم ذلك بقوله ﷿: (وَفيهَا مَا تَشْتَهيهِ الأنْفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ) الزخرف: ١٧وبقوله: (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقُونَهُ سَلامٌ) الأحزاب: ٤٤ مع قوله: (وَلَكُمْ فيهَا مَا تَدَّعُونَ) (نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحيمٍ) فصلت٣١ - ٣٢ وقوله: (فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبينَ فَرَوْحٌ وَرَيحَانٌ) الواقعة: ٨٨ - ٨٩، وأحكم ذلك بقوله تعالى: (وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) الأنعام: ١٢٧وبقوله تعالى: (هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ الله وَالله بَصير ٌ بِمَا يَعْمَلُونَ) آل عمران: ١٦٣ ففيه وصف لأهل الولايات والحب ومدح لأهل الدرجات والقرب بقوله: بصير بما يعملون أي لذلك جعلهم درجات عنده، ولقوله: وليهم بما كانوا يعملون بما تولاهم به قربهم منه وفيه أيضًا ذم المنافقين على القراءة الأخرى والله بصير بما تعلمون فقد أبصر أعمالكم أنتم فلم يجعلكم مثلهم إذ لم تكن أعمالكم كأعمالهم فهذا كما قال: (فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأنْزَلَ السَّكِينَة عَلَيْهِمْ وأثَابَهُمْ فَتْحًا قَريْبًا) الفتح: ١٨ ثم قال في وصف قلوبنا: (وَاللهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللهُ عَليمًا حَليمًا) الأحزاب: ١٥ ثم قال في فصل من القول: ليس بهزل سوّى بين هؤلاء وهؤلاء: (إن يعلم الله في قلوبكم خيرًا يؤتكم خيرًا) ثم قال في ضد أولئك كلامًا فاصلًا لمفصل مفسر للمجمل: (وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فيهِمْ خَيْرًا لأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أسْمَعَهُمْ لَتَولَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ) الأنفال٢٣ أي ليس لهم فيه شيء ولا لهم منه نصيب لأنه لم يجعل عندهم مكانًا لخير فيوجد فيه خيرًا فكان هذا فصل الخطاب وبلاغًا لأولي الألباب شهد لهم بذلك إذ قال: (أفَلَمْ يَيْأَسِ الّذين آمَنُوا أنْ لَوْ يَشاءُ الله لَهَدَى النَّاس جَمِيعًا) الرعد: ١٣.
فأيس المؤمنون من هداية هؤلاء فلم يرجو منهم مجاهدة فيه أبدًا لأن الله تعالى لا يهدي من يضلّ وقيل ييأس لغة بمعنى يعلم أي فقد علموا مما أعلمهم الله تعالى، ويشهد لهذا المعنى الحرف الآخر لأنه بمعناه أفلم يتبين الذين آمنوا فبين لهم بما بين المبين فسلموا له وأقبلوا عليه وأعرضوا عنهم فسلموا منهم فكذلك قال الولي الحميد، وكذلك تولى بعض الظالمين بعضًا وقال: (تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ) البقرة: ١١٨، فيتبعون ما تشابه منه فكم بين من ثبت قلبه فرسخ العلم فيه وبين من أزاغه فمال إلى فتنة التأويل يبتغيه وشتان بين من تولاه بنفسه إذ صلح له وبين من ولاّه إذا أعرض عنه فهذه مقامات المبعدين كما تلك مقامات المقربين فقد دخلوا تحت حكمين لم يخرجوا منهما أعلاهم دخل تحت فضله وأدناهم لم يخرج من عدله وقد أجمل سبحانه وصفهم بقوله: (لِيَجْزِيَ الَّذين آمَنُوا وَعَمِلوا الصَّالِحَاتِ من فضله) الروم: ٤٥ وقال في ذكر العموم: (لِيَجْزِيَ الَّذينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بالقِسْط) يونس: ٤، بالقسط فخص أولياءه بالفضل وعمّ خلقه بالعدل، فكم من قلب لا يشهد إلا الله ولا يسمع إلا منه ولا إليه والله هو الأغلب على همه والأقرب إلى قلبه وبين قلب حشوه الخلق وهمه الرزق لا ينظر إلا إليهم ولا يطمع إلا
1 / 196