والصواب أن اجتهاده صلى الله عليه وسلم لا يخطئ.
[تعريف الاجتهاد]
ولما ذكر أن الاجتهاد يجب على من اجتمعت فيه شروطه عرفه بقوله: (وأما الاجتهاد فهو بذل الوسع) أي تمام الطاقة (في بلوغ الغرض) المقصود من العلم لتحصيله، بأن يبذل تمام طاقته في النظر في الأدلة الشرعية ليحصل الظن بالحكم الشرعي.
(فالمجتهد إن كان كامل الأدلة في الاجتهاد) الذي تقدم ذكره فهو المجتهد المطلق، ودونه مجتهد المذهب وهو المتمكن من أن يخرج الدليل منصوصا زائدا على نصوص إمامه، ودونه مجتهد الفتوى وهو المجتهد المتبحر في مذهب إمامه المتمكن من تخريج ترجيح قول آخر.
فإن اجتهد كل واحد من هؤلاء (في الفروع فأصاب فله أجران) أجر على اجتهاده وأجر على إصابته.
(وإن اجتهد) في الفروع (وأخطأ فله أجر واحد) على اجتهاده، وسيأتي دليل ذلك، ولا إثم عليه لخطئه على الصحيح، إلا أن يقصر في اجتهاده فيأثم لتقصيره وفاقا.
(ومنهم) أي من علمائنا (من قال: كل مجتهد في الفروع) التي لا قاطع فيها (مصيب)، بناءا على أن حكم الله في حقه وحق من قلده ما أداه إليه اجتهاده.
وهذا قول الشيخ أبى الحسن والقاضي أبى بكر الباقلاني من المالكية وغيرهما، والمنقول عن مالك أن المصيب واحد.
وأما الفروع التي فيها قاطع من نص أو إجماع فالمصيب فيها واحد وفاقا، فإن أخطأ فيها المجتهد لعدم وقوعها عليه لم يأثم على الأصح.
Bogga 61