مكتوبة» اهـ، وفي الإكمال ذكر عبد الحق أماكن قبول الدعاء، وأن منها الدعاء أثر الصلاة، وأنكر الإمام ابن عرفة وجود الخلاف في ذلك، وقال: لا أعرف فيه كراهة، قلت: إن عنى بقوله: لا أعرف فيه كراهة أي لمتقدم فصحيح، وإن عنى به مطلقًا ففيه شيء؛ لأن الشيخ شهاب الدين القرافي رحمه الله تعالى ذكرها في آخر قواعده، وعللها بما يقع بذلك في نفس الإمام من التعاظم، وقال في العتبية: قال مالك: رأيت عامر بن عبد الله يرفع يديه وهو جالس بعد الصلاة، يدعو فقيل لمالك: أترى بهذا بأسًا؟ قال: لا أرى به بأسًا ولا يرفعها جدًا، وقال أيضًا: رفع اليدين إلي الله عند الرغبة على وجه الاستكانة والطلب محمود، قال القاضي أبو محمد بن العربي: اختلفوا في الرفع إلي أين يكون؟ فقيل: إلى الصدر، وقيل: إلى الوجه، وجاء عن النبي ﷺ أنه «كان يرفع يديه في الدعاء حتى يبدو بياض إبطيه»، والدعاء بعد المكتوبة أفضل من الدعاء بعد النافلة، وقال ابن عباس وقتادة: فإذا فرغت من الصلاة فانصب في الدعاء أي اتعب ووقوع النصب في الدعاء مؤذن بالإكثار منه، والإلحاح فيه حتى يبلغ الداعي الجهد ومن الصحيح «إذا أمن الإمام فأمّنوا» أي: إذا دعا فالداعي يسمى مؤمنًا كما يقال للمؤمن داع، وفي الحديث الصحيح على ما ذكره الترمذي أن رسول الله ﷺ «كان إذا رفع يديه في الدعاء لم يحطهما حتى يمسح بهما وجهه» قال الشيخ أبو القاسم البرزلي: وهذا يرد إنكار عز بن عبد السلام المسح والله الموفق للصواب.
(ما قولكم) في حكم التكبير بصوت مرتفع عقب الصلاة بينوا لنا ما ورد فيه وغيره مما يقال عقبها؟
(الجواب) في الصحيح من حديث ابن عباس «كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله ﷺ بالتكبير»، وفي رواية إن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد رسول الله ﷺ فكنت أعرف إذا انصرفوا بذلك، قال الطبري: فيه الإبانة عن صحة فعل من كان يفعل ذلك من الأمراء يكبر بعد صلاته ويكبر من خلفه، وفي الواضحة عن ابن حبيب: كانوا يستحبون التكبير في العساكر والبعوث إثر الصبح والعشاء تكبيرًا عاليًا ثلاث مرات، وهو قديم من شأن الناس، وفيه إظهار لشعائر الإسلام، ومن حديث عبد الله بن الزبير أنه ﵇ «كان يقول في دبر كل صلاة حين يسلم: لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون»، ومن حديث معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه أن رسول ﷺ قال: «أوصيك يا معاذ لا تدعن في كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك»، وعن المغيرة بن شعبة أن رسول الله ﷺ «كان إذا فرغ من الصلاة وسلم قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد»،
1 / 44