أما على صعيد مسألة خلق القرآن - وهو ما يهمنا هنا - فإنهم لم يترددوا في تجاوز حدود الشرع بتفكيرهم - ومنهم الإمام احمد بن حنبل كما نقله عنه الحنابلة - للقائلين بخلق القرآن كفرا يخرج من الملة !! بل كفر من لم يكفرهم أو يشك في كفرهم !!
ومن ذلك قول أبي حاتم الرازي أحد علماء الحنابلة كما جاء في طبقات الحنابلة ( 1/286 ) :- ( من زعم انه مخلوق مجعول - يعني القرآن - فهو كافر كفرا ينقل به عن الملة !! ، ومن شك في كفره ممن يفهم ولا يجهل فهو كافر ) (2) ، ناهيك عن قولهم :" إن من هذه مقالته إن لم يتب لم يناكح ولا يجوز قضاؤه ولا تؤكل ذبيحته ) .(3) .
أما على الصعيد الفكري فإن رأيهم في مسألة خلق القرآن لم يتوقف عند حدود اعتبارها من الأقوال والاعتقادات الكفرية المخرجة عن الملة كما رأينا بل تجاوزوا ذلك إلى الخوض في موضوعها بغير علم أو مستند ليتبنوا وجهة النظر المعارضة وهي القول بأن القرآن قديم وغير مخلوق في مقابل القول بأنه مخلوق (4) ويحملون الناس على ذلك ويرهبونهم ، ويمتحنون كل قادم عليهم من الأمصار الأخرى حتى وإن لم يكن عارفا بقولهم ولا مدركا لموضوعه ،
فإن سئل عن القرآن واكتفى بالقول بأنه كلام الله ، وتوقف ولم يقل بمقالتهم ،لم يقبلوا منه ذلك حتى يقول بمقالتهم فإن أجاب أجازوه وإن أبى وتوقف حكموا بكفره واعتبروه من الواقفة الملعونة !! وفي ذلك يقول الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه أحمد بن حنبل ص294 : " كان يكفي أن يقول الرجل القرآن غير مخلوق حتى يستجاز قوله وإن تردد ولو للتروي والتفكير نبذ ورد " . ( 5 ) .
الهوامش :-
(2) نقلا عن المالكي قراءة في كتب العقائد ص113 .
(3) نقلا عن أسد حيدر ( الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ) ج2 ص520 .....
(4) يدلك على هاجس المعارضة والمخالفة لديهم ما نقله المالكي في كتاب ( قراءة في كتاب العقائد ) ص159 من كتاب السنة والخلال (5/134 ، 136) من أن الحنابلة قالوا : ( إذا قلنا : القرآن كلام الله ثم لا نقول مخلوق ولا غير مخلوق لم يكن بيننا وبين هؤلاء الجهمية خلاف ( !!
(5) نقلا عن أسد حيدر ) الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ) ج2 ص520 .
Bogga 6