ومن هنا جاء تأكيد الحنابلة والسلفية - كما مر معنا سابقا - في قولهم بأن كلام الله الأزلي عندهم ( ما بين الدفتين ) هو ( الذي تكلم به بحروفه ومعانيه ليس الألفاظ دون المعاني ، ولا المعاني دون الألفاظ ) ، غير أنهم اثبتوا بذلك قدم هذه الألفاظ وتكلم الله بها في الأزل ، وهو محال كما بيناه ، وفيه إنكار للضروريات وجعل الله محلا للحوادث وغير ذلك من الإلزامات الشنيعة ، واتفقوا - أي الحنابلة - مع الزيدية والمعتزلة والإمامية والاباضية على أن الكلام الذي نعرفه هو هذه الألفاظ والكلمات المؤلفة من الحروف والأصوات ( الكلام اللفظي ) في مقابل ما ذهب إليه الإشاعرة من القول بالكلام النفسي الذي لاشك في بطلانه ومصادمته لحقيقة الكلام وعدم إمكانية تصوره أو تعقله أصلا ، ناهيك عن امتناعه في حق البارئ عزوجل إذا أخذناه بمعنى التعبير عن المعنى الموجود في الذهن .
] خلاصة القول [
ان الأشعرية والسلفية ) الحنابلة ( قالوا بأن الكلام هو صفة الله وليس المتكلم ، واتفقوا على القول بأن الكلام أزلي قائم بذاته تعالى مع فارق أن القائم بذاته عند الأشاعرة هو المعنى الأزلي ( الكلام النفسي ) ، وعند السلفية الحروف والأصوات ( الكلام اللفظي ) ، وأن معنى كونه تعالى متكلما عند الأشاعرة هو اختصاصه بهذه الصفة القديمة القائمة بذاته والمغايرة لهذه الحروف والأصوات ، وعند السلفية : أنه متكلم بكلام أزلي قائم بذاته هو الكلام اللفظي وليس شيء آخر .
أما بالنسبة للعدلية القائلين بخلق القرآن : فالتكلم عندهم هو الصفة ، وليس الكلام الذي هو فعل من أفعاله عندهم ، وقائم بغير ذاته ، ومعنى كونه متكلما أي يخلق تلك الحروف والأصوات ويحدث الكلام المكون منها ، وينشأه كيف شاء . ويتكلم بلا صوت ولا آلة ولا جارحة لأنه خالق كل ذلك ، ومحال أن يكون محلا لشي من ذلك .
....
Bogga 34