97

قصص من التاريخ

قصص من التاريخ

Daabacaha

دار المنارة للنشر والتوزيع

Lambarka Daabacaadda

العاشرة

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٧ م

Goobta Daabacaadda

جدة - المملكة العربية السعودية

Noocyada

وجد في المسجد (في كل بلد يمر عليه) مَن يسأله عن حاله، فإذا علم أنه غريب أنزله داره، وقدّم له قِراه، ومنحه عونه، فكان يقابل بين مجيئه كافرًا وبين عودته مسلمًا، وكيف كان يشعر بطول الشُّقة وبعد الطريق وألم الغربة، فصار يتقلّب في النعيم ويُحمَل على أكف الإخوان، فيدرك سر المسجد وجمال هذا الدين! ووصل إلى المعبد، ولكنها لم ترعه - هذه المرة - تماثيله ولا مصابيحه، ولم يمتلئ قلبه فَرَقًا من أسراره وخفاياه؛ فقد أضاء له الإسلام ظلمة الحياة فرأى حقائقها من أوهامها، وعلم أن هذه الأصنام التي نحتوها بأيديهم وسموها آلهة لا تنفع ولا تضر، ولا تمنع عن نفسها ضربة الفأس ولا لهب النار. ولكنه كتم إسلامه، وقرع الباب قرعة السر ففُتح له، ورآه الكهنة بعد أن حسبوا أنهم لن يروه أبدًا، ووصف لهم ما رأى فكادت أعينهم تخرج من حناجرهم دهشة وأيقنوا أن قد جاءهم الفرج، وأمروه فحمل الكتاب مختومًا إلى العامل فإذا فيه أمر الخليفة بأن ينصب قاضيًا يحتكم إليه كهنة سمرقند وخليفة قتيبة، فما قضى به نفذ قضاؤه. وأطاع العامل ونصب لهم قاضيًا، جميعَ بنَ حاضر الباجي، وعين موعد المحاكمة. ولما عاد فأخبر الكاهن الأكبر أظلم وجهه بعد إشراقه، كما ترْبَدّ في سماء النهار الصحو السحبُ السود، وخبا ضياء الأمل الذي بدا له فحسبه فجرًا صادقًا فإذا هو برق خُلَّب (١) ... وأيقن أن هذه المحاكمة فصل جديد من كتاب غدر المسلمين.

(١) الخُلّب: السحاب يومض برقه حتى يُرجى مطره، ثم يُخلف ويتقشّع. ويقال: «برق خُلّبٌ» ويشبَّه به من يعد ولا ينجز (مجاهد).

1 / 102