جلس القادة يفكرون.
وذهب العرافون يقلبون صحف الغيب.
وطفق مشايخ الجند يفتشون في زوايا أدمغتهم.
ثم اذكر أوليسيز بعد لأي أن هذه السهام المنشودة قد تركت مع الجندي القديم فيلوكتيتس
4
الذي غادره الجيش فوق جزيرة لمنوس في طريقه إلى طروادة ... فجر الحملة ... منذ عشر سنوات!
ولقد كان فيلوكتيتس قد أصيب بجرح كبير في قدمه جعل اصطحاب الحملة له من المحال، لما كان يلقى أوانئذ من الآلام المبرحة، وما كان يملأ به آذان الجند من الصراخ والأنين، فاضطر أوليسيز إلى تركه في جزيرة لمنوس، حيث أوى الجندي المسكين إلى كهف منعزل عكف فيه على جرحه يعالجه ... دون جدوى!
واتفق القادة على أن يذهب أوليسيز مصطحبا معه بيروس ابن أخيل؛ (أونيوبتلموس كما كانوا يسمونه أحيانا) إلى جزيرة لمنوس ليريا هل الجندي الجريح ما زال يحيا هنالك؟ وقد بحثا عنه في أنحاء الجزيرة حتى عثرا به يئن في كهفه ويتوجع ويشكو إلى غير مسمع، فعرضا عليه أن يصحبهما إلى طروادة فأبى. وجعله يشتد في الإباء تذكره هذا اليوم الأغبر الذي آثروا فيه تركه فوق تلك الجزيرة القاحلة لا أنيس له ولا سمير، ولا لسان يرفه عنه وحشة الألم ووحشة المنفى الذي لا يد له فيه؛ وكبر عليه أن ينطلق مع هذا الجيش الذي جحده وغمطه حق الجهاد في سبيل الوطن والذود عن شرف هيلاس واسمها المقدس ...
وتركه أوليسيز لبيروس يأخذه بالحيلة والرفق، ولكن بيروس ما يستطيع قط أن يقنع فيلوكتيتس، فيكاد يدعه برما متسخطا، لولا أن يظهر طيف هرقل فجأة مرفرفا في العلو؛ فيأمر فيلوكتيتس بعد تهويمة هنا وتهويمة هناك أن ينصاع لما يأمره أوليسيز به.
5
Bog aan la aqoon