Nineveh ، (وهي المكتبة التي نقل نواتها الملك «سنكريب»
Senanchrib
من بلدة كالح
Cala ) خزانة عظيمة من المجلدات والألواح الكلسية وأوراق البردي، نقل معظمها كغنائم حربية من البلاد التي غزاها، واستأجر النساخ لينقلوا له صورا من المتون القديمة، وإلى هذه الطريقة على ما يظهر يرجع السبب في تسطير قصة «غلغامش» الشعرية. ولقد يظهر من القطع والأجزاء المحفوظة الآن في دار العاديات الإنجليزية أن أربع نسخ من هذه القصة على الأقل قد نقلت في عصر «آشور بانبال»، غير أن الحوادث لم تبق على هذه النسخ من غير أن تتناولها بالتبديد والتخريب؛ فإن الإمبراطورية الآشورية كانت آخذة في سبيل الفساد والانحلال بسرعة. ولم يمض زمن طويل حتى سقطت «نينوه» وتبددت مكتبتها الكبرى، في حين أن المغتنمين قد أحرقوا لفائف البردي، ودفنوا الألواح الكلسية مع أنقاض القصر الذي كان يحويها.
وهنالك ظلت هذه الألواح ألفين من السنين حتى أدركها سير أ. ه. لايارد ومستر جورج سميث بتقنياتهما، فأخرجاها إلى الناس مرة أخرى. ولا مراء في أن الألواح الاثني عشر التي تتضمن قصة «غلغامش» (أو أجزاءها الباقية منها والتي استكشفت حتى الآن) مشوهة تشويها كبيرا. فقد تجد أن معنى فقرة برمتها قد غمض وتعذر فهمه بفجوة حادثة في المتن الأصلي. ولا جرم أن مثل هذه الفجوات ليست بالشيء التافه عند الذين يريدون أن يدرسوا الأساطير الميثولوجية درسا وافيا، ويقفوا على تفاصيلها بدقة تفي بأغراض البحث العلمي. غير أنه على الرغم من كل هذا، فإن علم مقارنة الأديان قد تقدم في العهد الأخير إلى درجة أصبحنا معها أقدر على أن ندرك من أهمية هذه القصة الشعرية الميثولوجية، وأن نقرأها بدقة لم يبلغها البابليون أنفسهم؛ لأنهم لم يعرفوا من هذه القصة إلا أنها مجرد رواية للمخاطرات والأفعال العظيمة التي قام بها أحد أبطالها.
إن القصة الشعرية التي تدور حوادثها حول مدينة «أريخ»، قد سيقت في مخاطرات بطل نصف إنسان ونصف إله يدعى «غلغامش»، كان ملكا في تلك المدينة. وفي القصة شخصيتان أخريان هما: شخصية «إيباني »
Eabani ، وهي الشخصية التي تمثل الإنسان البدائي على الأرجح، وشخصية «أوت-نابشتيم»
Ut-napishtim
بطل رواية الطوفان البابلية. ويرجح أن كلا من هؤلاء الأبطال الثلاثة كان محور مجموعة من الأساطير التقليدية، تدامجت بعضها في بعض مع مضي الزمان، بطريقة ما من الطرق، وعلى أسلوب غير بين تماما.
أما أكثر شخصيات هذا الثالوث أهمية وأولهم من حيث القيمة فالبطل «غلغامش»، ولا يبعد أن يكون شخصا حقيقيا عاش خلال عصر من عصور بابل، غير أنه ليس لدينا من التاريخ الثابت ما يؤيد هذا الزعم، كما أنه يحتمل أن تكون مجازفات أحد ملوك مدينة «أرك» في العصور القديمة قد اتخذت نواة بنيت عليها هذه القصة. أما اسمه فقد نطقه الباحثون «غزدبوبار»
Bog aan la aqoon