وأراني متأسفا لاضطراري أن أخبركم أن مدينة الإسكندرية أصيبت بأضرار بالغة من الحريق والنهب.
ومن الذي سبب الحريق؟
إنها قذائف الأسطول.
ومن الذي سبب النهب؟
إنه الاحتلال البريطاني وجنوده.
إن الأميرال لم يف بوعده ويقصر الضرب على القلاع والحصون، بل لقد وجهت قذائف الأسطول إلى كل ناحية من أنحاء المدينة، فحرقت البيوت وقتلت الأهلين الآمنين. وصف هذا الاعتداء البعيد عن الإنسانية المسيو «نينيه» في كتابه سالف الذكر، قال:
وأقفلت الدكاكين والنوافذ والأبواب والبيوت في المدينة كلها، وخيل إلي أنني في بلدة قضي عليها بالخراب النهائي، وكانت قنابل الأسطول الضخمة تنهال على المدينة وتخترق أحياءها في كل جهة، وتدور فوق رءوسنا وهي تدوي دويها المفزع، فكانت تدمر المنازل في ناحية وتشعل النيران في ناحية أخرى، وترسل الموت في كل مكان، وقد مرت فوق رأسي خمس قذائف من «رسائل الإنسانية الغربية» على حد تعبير أحد الضباط، علي سطح المنزل الذي كنت أقيم فيه تجاه حمامات (كارتوني) بالقرب من محطة الرمل، فأصابت إحداها مدرسة فدمرتها، وأصابت ثلاث أخرى بعض المنازل من قصور الأغنياء بالقرب من شارع باب شرقي فخربتها، والخامسة قتلت أحد عشر شخصا وجوادين بأول شارع محرم بك، ولم يكن لهذه القذائف القتالة التي أصابت قلب المدينة ما يقابلها من جانب المصريين، فإن عرابي قد ارتأى منعا للدمار ألا تشترك قلعتا كوم الناضورة وكوم الدكة في الضرب لوجودهما وسط المدينة ... إلخ.
ولم ينفرد الضباط والجنود المصريون ببطولة الدفاع في هذا اليوم، وإنما شاركهم في هذه البطولة أهالي الإسكندرية، ولأهالي الإسكندرية في تاريخ الوطنية المصرية صفحات مجد مشرقات، فقد تطوع السكندريون وقدموا ما استطاعوا من معونة وخدمات للجند المحاربين، شهد بهذا الشيخ محمد عبده حين قال:
فكان الرجال والنساء تحت مطر الكلل ونيران المدافع ينقلون الذخائر ويقدمونها إلى بقايا الطوبجية الذين كانوا يضربونها، وكانوا يغنون بلعن الأميرال «سيمور» ومن أرسله.
وأكد هذا عرابي فقال في مذكراته:
Bog aan la aqoon