ثم هو يطمئنهم على أملاك الأوروبيين وأرواحهم لأنه لن يضرب المدينة بل سيكتفي بضرب القلاع، فإنه يقول في خطابه للسادة القناصل:
ويلزمني أن أبين لكم أني لا أنوي ولا قلت مطلقا إني أقصد أن أضرب مدينة الإسكندرية، فإن أعمالي الحربية إذا أمست ضرورية فستوجه إلى الحصون، ولا أرى سببا للخوف من وقوع تلف يصيب الأملاك الخصوصية التي أنتم من أجلها في وجل.
فالسيد قائد الأسطول البريطاني والسادة قناصل الدول الأوروبية لا يعنيهم من أمر الضرب إلا حماية أرواح الأوروبيين وأملاكهم، وهذا هو مدى فهمهم للقيم الإنسانية، فلا ناس إلا الأوروبيون، أما أصحاب البلد وأما أملاك المصريين وأما مصر نفسها فإلى الجحيم في سبيل تحقيق مآرب السيد الأوروبي وفي سبيل سيادته ورفاهيته.
ومع هذا فإن الأميرال «سيمور» لم يف بوعده، وسنرى بعد قليل أن الضرب لم يقف عند القلاع، بل انصب على المدينة كلها؛ فخرب معظم أحيائها تخريبا بشعا ما زالت تشهد به الصور التي أخذت للمدينة قبل الضرب وبعده.
وكان «سيمور» متلهفا على تحقيق بغيته، فعلى الرغم من تأكيدات المصريين له في 6 يوليو بأن التحصينات قد أوقفت فقد استأنف في اليوم التالي وهو يوم 7 يوليو فصلا جديدا من قصة الذئب والحمل، فأرسل إلى قائد الإسكندرية الحربي يخبره أنه قد علم بأن مدفعين جديدين قد نصبا في اليوم السابق في خطوط الدفاع المشرفة على البحر، وأن بعض الاستعدادات الحربية على وشك الانتهاء، والقصد منها - كما يقول في خطابه:
تهديد الأسطول الذي تحت قيادتي، فيجب علي والحالة هذه أن أعلنكم أنكم إن لم تأمروا بالإقلاع عن هذه الأعمال أو تكونوا قد أمرتم بالإقلاع عنها يكون واجبي ضرب الحصون الجاري فيها البناء.
وأسرع طلبة عصمت قائد القوات المصرية بالإسكندرية فرد عليه مؤكدا أن هذه الأخبار عارية عن الصحة.
قال الذئب للحمل عندما أفحمه الحمل بردوده المنطقية التي تثبت براءته: «إذن فهو أبوك أو عمك الذي عكر علي الماء، ثم انقض عليه فافترسه.»
وعندما أفحم «سيمور» ظل يومي 8 و9 يوليو يتلمس سببا جديدا، فلما لم يجد شيئا أرسل إلى قائد القوات المصرية في 9 يوليو هذه البرقية:
إيماء إلى برقيتي المؤرخة في يوم 4 يوليو 1882 أقول إنه ليس هناك أدنى ريب فيما يتعلق بالتسليح، وأني سأخطر قناصل الدول الأجنبية غدا عند شروق الشمس وأشرع في الضرب بعد 24 ساعة إن لم تسلم إلي الحصون القائمة على البوغاز والتي تشرف على الميناء.
Bog aan la aqoon