قلت: إذن ماذا يكون؟
فلما ألححت عليه في الاستدلال على ضرورة دخول تركيا الحرب وسوء مركزنا في ذلك الوقت، قال: يا صاحبي نحن نعرفكم كما تعرفون أنفسكم؛ فحين ظهور أول طربوش تركي من القنال تتركوننا وتجرون وراءه!
وانقطع الحديث عند ذلك فأخبرت رشدي باشا بما حدث، فقال لي: إنه كلمه كذلك فلم ينل منه طائلا!
وحدث أن دعا رشدي باشا سير «ستورس» السكرتير الشرقي للوكالة البريطانية؛ ليتغدى معه بالكونتننتال، وعلم بذلك محمد محمود باشا، فدعاني أن أتغدى معهم إلى جانبهم؛ كي نعلم بعد الغداء من رشدي باشا ماذا دار بينهم، ولما انتهينا قال لنا رشدي باشا: إن ستورس يؤيد فكرتنا كالسير ريجلند ونجت، ووعدني بأنه سيخابر أباه العضو في البرلمان البريطاني؛ ليثير هذه المسألة عند الحكومة البريطانية . (3) كسرت قلمي
وكنت وقتئذ أتردد على عدلي باشا؛ لأعرف إلى أي حد وصلت مسألتنا، وذات يوم ألفيت به فوجدته متشائما، وبادرني بقوله: ليس عندي أمل في نجاحنا!
فخرجت من عنده مكتئبا كاسف البال، وزارني بعد أيام نجيب باشا غالي وكيل الخارجية في ذلك الحين، فسألني قائلا: ما هو الأمر الذي تتردد من أجله على عدلي باشا؟
فأفضيت له بما عندي، وقلت: «إن الأمر قد انتهى بالفشل، ولهذا سأكسر قلمي، وأذهب إلى بلدي، وأعتزل السياسة.»
وفي اليوم التالي كلمني ستورس بالتليفون، وقال لي: لا تيأس!
ثم كلمني بعد دقائق نجيب غالي باشا يدعوني إلى العشاء عنده أنا وستورس - وكان اللورد كتشنر قد عين وزيرا - فقلت لنجيب باشا: إني أقبل الدعوة بشرط أن يحضر معنا عدلي باشا فأجابني إلى ذلك، واجتمعنا نحن الأربعة في بيت نجيب باشا وحدثنا ستورس حتى ظننا أن النجاح في متناول يدنا، فوضعنا في بيت نجيب باشا صورة المعاهدة بيننا وبين بريطانيا العظمى تتضمن اعترافها باستقلالنا واعترافنا بمصالحها في مصر وفي قنال السويس.
كل ذلك في شهر أغسطس سنة 1914 وكان الأمل يحدونا جميعا.
Bog aan la aqoon