Sheekada Nolosha
قصة حياة
Noocyada
وقد شببت عن هذا الطوق. وما زال ولوعى بالكتب كما كان، ولكنه لم يبق لها شىء من ذلك السحر القديم، فقد استطعت بفضل معاناتى للحياة أن أقى نفسى وأجنبها تلك الفتنة، فأنا أنظر فى الكتب، وفى الحياة، بعينى، لا بعين الكاتب أو الشاعر، وأحس بقلبى لا بقلب سواى وأتلقى وقع الحياة منها لا من إيحاء الكتب، وأطلب الشىء لأنى أريده وأراه جديرا بالطلب، وأقيس قدرتى إلى رغبتى، وأوازن جهد السعى وثمرته المرجوة وأقدم أو أحجم بعد القياس المضبوط، والموازنة الدقيقة .
وأحاول أن لا أغالى بقيمة شيء، أو أن أبخسه حقه، ولا يستخفنى هوى، أو يغرنى حال، أو يخرجنى عن طورى أمر، أو يفقدنى اتزانى فرح أو حزن، ورضى أو غضب، ولا تجمح بى شهوة، ولا تركض بى صبوة، لأنى أصبحت أعرف القيم الحقيقة للأشياء، ولا أعدو بها مكانها. ولا أخلط بها الأوهام، ولأنى أسير فى الحياة بالإرادة الصارمة لا طوع الجواذب، فإذا سألتنى لماذا أفعل الشىء، فإنى أعرف الجواب الصحيح، إذ كنت لم أفعله إلا بعد الروية والحساب والوزن، وكذلك ما أترك أعرف علة تركه.
ويمكن أن أقول - ويمكن أن يصدق القارئ: أنى كنت فى شبابى أواقع الحياة مواقعة الهواء، أما الآن، فإنى أواقعها مواقعة المحترف، وقد صارت الحياة عندى حرفة، تعلمتها، وحذفت منها الجانب الذى طلبته ورأيته أوفق لى، والفرق بين الهاوى والمحترف لا يحتاج إلى بيان.
وكل عواطفى وأهواء نفسى، طوع إرادتى، وإرادتى لا تخضع إلا لتقديرى لما ينبغى - ويحق لى فى رأيى - أن أفوز به من الحياة. والعمد فى سيرتى محقق، إلى الحد الذى يتيسر للمخلوق الخاضع لسنن الخلق. وهذا العمد من بواعث السعادة لنفسى. لأنه يكسبنى حظا من الاستقلال ويجعل لى فيما أشعر نصيبا من الحرية فى الحياة، ولا شك أنه يجعل شعورى بالتبعات أقوى وأثقل، ولكن هذا هو الأكرم، إذ أى قيمة لإنسان لا يشعر أنه مسئول عما يصنع؟
الفصل العشرون
كانت حياة الشباب، حياة كبت، وحرمان وحيرة ولم أكن أعرف لى يومئذ معادا غير الإكباب على القراءة والإكباب على قرض الشعر وكنت أقول - ولا يخفى على عبث ما أحاول:
وما نظمى من الأشعار إلا علالة
لو أن سلوا بالقريض يكون!
وكنت أقول لمن يذكرون شعرى:
فلا تنفسوا شعرا، على، مفوفا
Bog aan la aqoon