Sheekada Falsafada Giriigga
قصة الفلسفة اليونانية
Noocyada
Socrates
سقراط.
كان من آثار السوفسطائيين أن تعرض كل نظام للسقوط، وانهدم ما كان للناس من مثل يطمحون إليها، سواء في ذلك الأخلاق والدين والحقيقة والقانون، فقد ذهب كل فرد في إدراك الفضيلة والرذيلة وتفسير الخير والشر مذهبا يناسب هواه ويتفق ومآربه، وأخضعوا الدين للنقد والشك حتى كادت العقائد في الآلهة تندك من أساسها، وأنكروا الحقائق الخارجية إنكارا، فالإنسان هو مقياس كل شيء، ولم يعتقدوا أن ثمت حقيقة في الواقع الخارجي مستقلة عن الإنسان، وعبثوا بالعادات الموروثة والقوانين، فجاء سقراط وألفى هذه الأنقاض المنهدمة يعوزها البناء، فأقامها وأعاد لها النظام الذي أتلفه السوفسطائيون.
ولد سقراط في أثينا حول سنة 470ق.م من أب يحترف صناعة التماثيل وأم قابلة، ولو أن التاريخ لا يعي عن طفولته ونشأته إلا قليلا لا يغني في تصويره تصويرا دقيقا، إلا أن له خاصة عجيبة تحببه إلى النفوس وتجذبه نحو القلوب، فلا يكاد القارئ يتلو من تاريخه ذلك القليل المذكور حتى تسرع الصورة إلى صفحة الذهن تامة واضحة، هي بلا شك أشد وضوحا من صورة أفلاطون الأرستقراطي، وأنصع جلاء من صورة أرسطو العالم، على كثرة ما أفاض التاريخ في حياتهما، احترف حرفة أبيه ولبث يزاولها حينا قصيرا، قيل إنه صنع خلاله مجموعة ضئيلة من التماثيل عرضت فيما بعد في الأكروبوليس بأثينا، ثم ترك هذه المهنة، وتخصص للفلسفة التي اعتبرها رسالته في الحياة، وكان يعيش في أثينا، ولبث فيها لم يغادرها قط إلا حين اضطرته ظروف الحرب أن ينخرط في سلك الجيش، وظل مشتغلا بالفلسفة حتى اتهم في نحو سن السبعين بإنكار آلهة اليونان والدعوة إلى آلهة جديدة، وأنه يفسد عقول الشبان، فحكم عليه بالإعدام وأعدم.
كان سقراط قبيح المنظر، فهو قصير بدين دميم، بارز العين، كبير الأنف في قبح، واسع الفم، بالي الثياب، وأراد الله أن يكون هذا الشكل الممقوت مستقرا لنفس قوية جميلة ذكية، فقد كان عادلا حتى لا يؤثر عنه أنه ظلم أحدا، حكيما حتى قل أن يخطئ في حكمه على شيء بأنه حق أو باطل، وكان ضابطا لنفسه إلى حد يستدعي الإعجاب، راضها حتى أصبحت طوع إرادته، وحتى كان دخله القليل يكفي كل حاجاته، وكانت مواهبه العقلية لا تقل عن مواهبه الأخلاقية، فهو مفكر دقيق الملاحظة يستغل مواهبه وينظم استعمالها، وعلى كثرة ما حباه الله من مواهب العقل كان يعلن أنه لا يعرف شيئا، وليس حكيما ولكنه فيلسوف «محب للحكمة» فكثيرا ما قال: «أنا أعرف شيئا واحدا وهو أني لا أعرف شيئا.»
سقراط في حلقة الدرس.
ولما كان سقراط يحب الحكمة وينشدها، فقد كان يتلمسها في كل من يصادفه، واعتاد أن ينزل إلى سوق أثينا أو المجتمعات العامة، ثم يتحدث مع كل من أنس منه ميلا إلى الكلام في مسائل الحياة والموت وما يتعلق بهما، لا يعبأ بحالة من يحادثه، غني أم فقير، شاب أم شيخ، صديق أم غير صديق، وحديثه مباح لكل من يريد، لا يأخذ عليه أجرا كما كان يفعل السوفسطائيون، ولم يكن يحتكر الكلام، بل يتبادل الحديث، ويوجه المناقشة إلى الجهة المنتجة، وهذه الطريقة التي مهر فيها سقراط هي طريقة الحوار، فكان يلقي على سامعه سؤالا ثم يناقش جوابه ويصححه أو يتممه، ثم يتعرض للسؤال ويجيب، وكثيرا ما تعمد أن يورط محاوره في الخطأ أو يتورط هو في الخطأ لينكشف جهل محدثه، أو ليستخلص منه النتيجة كأنها قضية صحيحة معروفة من قبل.
ولم يكن سقراط يرى أنه مخير فيما يفعل، بل كان يعتقد أنه مسير بوحي يملي عليه ما يقول، ويرسم له طريق المسير، ويطلعه على نتائج الأعمال قبل حدوثها، وهو إنما يؤدي رسالة فرضتها عليه الآلهة، ليس له على أدائها محيص، وقد روى أفلاطون في أحد فصوله حديثا عما حدث لسقراط من وحي، هذا نصه: «ذهب شريفون
Chairephon
حاجا إلى معبد دلفي
Bog aan la aqoon