وهكذا أصبحت وصية عمر بن الخطاب (ألا يجعل بني أمية على رقاب الناس) وعهده لعبد الرحمن بن عوف (أن يسير بسيرة الشيخين) محل انتقاد عند معارضيه من الصحابة أو من غيرهم من أجناد الولايات الإسلامية.
-إذن فتولية- عثمان لأقاربه من بني أمية على الولايات الإسلامية مع العجز عن مراقبتهم ومع كون معظم هؤلاء من طلقاء بني أمية الذين لم يسلموا إلا آخر الناس ولا زالوا يحملون أطماعا مادية ولم يكونوا أفضل من غيرهم في تولي أمور المسلمين في كل الولايات الإسلامية إضافة إلى أن هؤلاء الولاة وثقوا في حب عثمان لهم ووقوف مروان بن الحكم -كاتب عثمان ومستشاره- معهم ضد المعارضين فزاد فسادهم وتجاوزهم في الأموال والمظالم وزادت شكاوى الناس حتى وصل أمر الناس وشكايتهم إلى الصحابة فرأى بعض الصحابة أن ينصحوا عثمان لكن مروان -(مع سائر بني أمية)- كانوا قد تمكنوا من فصل عثمان عن الصحابة الكبار مثل علي وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وأكثر الأنصار ولهؤلاء الصحابة وغيرهم محاولات في إصلاح هذا الشأن وكان عثمان لكبر سنه ووثوقه في مروان وحبه لقومه مترددا بين قبول آرائهم وبين الثبات على ثقته في ولاته وفي مروان وفي جل سياساته المالية والإدارية.
ومن هنا بدأ الشد والجذب وبدأت الأسئلة تنهال على عثمان بن عفان: لماذا أعطيت مروان هذا؟ ولماذا ضربت عمار بن ياسر؟ ولماذا نفيت أبا ذر؟ ولماذا عزلت فلانا مع صلاحه ووليت فلانا مع فساده وعدم أهليته؟ ولماذا؟ ولماذا؟...
Bogga 67