وسنحاول هنا أن نذكر أبرز الاختلافات السياسية بعد النبي (صلى الله عليه وسلم) التي شكلت -فيما بعد- المذاهب الإسلامية الأولى فذهب أصحاب المذاهب إلى تضخيمها أكثر مما ينبغي وأصبحت كل طائفة تنفصل رويدا عن الاهتمام بأصول الإسلام بالتركيز على الانتصار لمواقف بعض المختلفين دون بعض حتى وإن صاحب ذلك اعتذار عن الآخرين، لكن هذه الانتصارات المتبادلة أضاعت الأصول العامة للإسلام إذ أصبحت الأجواء النفسية والعلمية مشبعة بالفرعيات من عقائد وأحكام وتركيز على الأشخاص مع ذبول الحماس لأصول الإسلام والدعوة إليها مما أدى إلى التزهيد فيها من الناحية التطبيقية للتدوين في العقائد وغيرها حتى أصبحت أصول الإسلام لا تشكل عند المسلم إلا أمورا فرعية لا تكفي لدخول الجنة ولا تنجي من النار!!
وهذا التزهيد في الأصول كان من الناحية التطبيقية والوجدانية لا الدعاوى النظرية، لأن الاعتراف باق بأهمية تلك الأصول من أركان الإيمان وأركان الإسلام...، ولولا وجودها في القرآن الكريم لنسي الناس أهميتها نظرا لإهمالها من قبل المتخاصمين والمتناظرين والمؤلفين، وهذا التزهيد كان له أبلغ الأثر في نسيان حق المسلم الذي يؤمن بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا مع قيامه بأركان الإسلام ومع اجتنابه للمحرمات فكل هذا أصبح لا قيمة له -عند أصحاب العقائد- إذا كان هذا المسلم قد أخطأ في مسألة أو أكثر من المسائل الفرعية -العظيمة عندهم- أو توقف فيها من تلك المسائل المختلف فيها التي امتلأت بها كتب العقائد.
Bogga 41