237

Qiladat Nahr

قلادة النحر في وفيات أعيان الدهر

Daabacaha

دار المنهاج

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٨ م

Goobta Daabacaadda

جدة

Noocyada

وسلم، ولم يجبه بشيء، ورجع خائبا، وقال: «اللهم؛ خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها» (١).
ثم إن حاطب بن أبي بلتعة كتب كتابا إلى قريش يخبرهم بمسير رسول الله ﷺ، قال السهيلي: (وكان في كتابه: أن رسول الله ﷺ قد نفر بجيش يسير كالسيل، فإما إليكم وإما إلى غيركم، فخذوا حذركم، وأقسم بالله؛ لو جاءكم وحده .. لنصره الله عليكم؛ فإنه منجز وعده) (٢)، فأخبر جبريل النبي ﷺ بذلك، فبعث ﷺ عليا والزبير وأبا مرثد الغنوي، وكلّهم فوارس، فقال لهم: «انطلقوا إلى روضة خاخ؛ فإن بها ظعينة معها كتاب من حاطب إلى المشركين»، فأدركوها تسير على بعير لها حيث قال رسول الله ﷺ، فأخذوا الكتاب منها وانطلقوا به إلى رسول الله ﷺ، فقال ﷺ لحاطب: «ما حملك على ما صنعت؟ !» فقال: والله؛ ما بي إلا أن أكون مؤمنا بالله ورسوله، أردت أن يكون لي عند القوم يد يدفع الله بها عن أهلي ومالي، وليس أحد من أصحابك إلا له هناك من عشيرته من يدفع الله به عن أهله وماله، فصدقه ﷺ، فاستأذن عمر النبي ﷺ في ضرب عنقه، فقال ﷺ: «إنه من أهل بدر، وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم .. فقد غفرت لكم» (٣) أي:
إنه سبق في علم الله سبحانه أنه لا يصدر من بدري زلة أو هفوة إلا وتلافاها بالتوبة الموجبة للمغفرة.
ثم خرج ﷺ من المدينة إلى مكة في عشرة آلاف من المسلمين، واستعمل على المدينة كلثوم بن حصين الغفاري، فلما بلغ الجحفة .. لقيه عمه العباس مهاجرا ببنيه، وكان بعد إسلامه مقيما بمكة على سقايته، وعذره رسول الله ﷺ، ولقيه أيضا ببعض الطريق ابن عمه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وابن عمته عبد الله بن أبي أمية أخو أم سلمة لأبيها، فكلمته أم سلمة فيهما، فقال: «لا حاجة لي بهما؛ أما ابن عمي .. فهتك عرضي، وأما ابن عمتي وصهري .. فإنه قال لي بمكة

(١) أخرجه الطبراني في «الكبير» (٢٣/ ٤٣٤)، والطبري في «التاريخ» (٣/ ٤٧).
(٢) «الروض الأنف» (٧/ ٢٠٣).
(٣) أخرجه البخاري (٣٩٨٣)، ومسلم (٢٤٩٤)، وروضة خاخ: موضع بين الحرمين، بقرب حمراء الأسد من المدينة، وفي رواية عند البخاري: «اعملوا ما شئتم .. فقد وجبت الجنة».

1 / 246