188

Qiladat Nahr

قلادة النحر في وفيات أعيان الدهر

Daabacaha

دار المنهاج

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٨ م

Goobta Daabacaadda

جدة

Noocyada

تريد يا رسول الله؛ والذي نفسي بيده؛ لو أمرتنا أن نخيضها البحر .. لأخضناها، ولو أمرتنا أن نضرب بأكبادها إلى برك الغماد (١) .. لفعلنا، فسر رسول الله ﷺ بقوله ونشّطه، ثم قال: «سيروا على بركة الله تعالى وأبشروا؛ فإن الله وعدني إحدى الطائفتين، والله؛ لكأني انظر الآن إلى مصارع القوم» (٢). ولما نزل ﷺ ببدر .. كان بالعدوة الدنيا؛ وهي: شفير الوادي الأدنى إلى المدينة، وكان المشركون بالعدوة القصوى؛ وهي: شفير الوادي الأقصى من المدينة، وكان الركب-وهو عير أبي سفيان حينئذ-أسفل منهم إلى ساحل البحر على ثلاثة أميال من بدر، ولا علم عند أحد منهم بالآخر، وقد حجب الوادي بينهم، فوردت عليه روايا قريش (٣) وفيهم غلام أسود لبني الحجاج، فأخذه أصحاب رسول الله ﷺ، فسألوه عن أبي سفيان وأصحابه، فقال: لا علم لي بأبي سفيان، ولكن هذا أبو جهل وعتبة وشيبة وأميّة بن خلف في الناس، فإذا قال ذلك .. ضربوه، فإذا أوجعه الضرب .. قال: أنا أخبركم: هذا أبو سفيان، فإذا تركوه وسألوه .. قال: مالي بأبي سفيان علم، ولكن هذا أبو جهل وعتبة وشيبة وأمية بن خلف في الناس، فإذا قال هذا ضربوه، ورسول الله ﷺ قائم يصلي، فلما رأى ذلك .. انصرف وقال: «والذي نفسي بيده؛ لتضربوه إذا صدقكم، وتتركوه إذا كذبكم» (٤)، فقال رسول الله ﷺ: «هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها» (٥). وكان رسول الله ﷺ حين نزل بدرا .. نزل على أدنى ماء إلى العدو، وترك المياه كلها خلفه بمشورة الحباب بن المنذر، وبني له عريش يستظل فيه بمشورة

= والرشاد» (٤/ ٤٢) وغيرهم: (سعد بن معاذ)، قال الذهبي في «تاريخ الإسلام» (٢/ ٨٢) في سياق حديث غزوة بدر: (فقام سعد بن عبادة-كذا قال-والمعروف سعد بن معاذ) اهـ، كما أن سعد بن عبادة ممن اختلف في حضوره بدرا وإن رجّح البخاري حضوره، قال العلامة الأشخر في «شرح البهجة» (١/ ١٨١): (وجمع بينهما بأنهما قالا ذلك يومئذ) فلينظر، والله أعلم. (١) برك الغماد: موضع وراء مكة بخمس ليال مما يلي البحر، وقيل: بلد باليمن، وقيل: موضع في أقاصي أرض هجر، وقيل: برك الغماد وسعفات هجر كناية، يقال فيما تباعد، وهو الأرجح، والله أعلم. انظر «معجم البلدان» (١/ ٣٩٩)، و«شرح مسلم» للإمام النووي (١٢/ ١٢٥). (٢) أخرجه مسلم (١٧٧٩)، وابن حبان (٤٧٢٢)، وغيرهما. (٣) الروايا-جمع راوية-وهي: الإبل التي يستقى عليها الماء. (٤) سبق تخريجه، انظر تخريج الحديث السابق. (٥) أخرجه الطبري في «تاريخه» (٢/ ٤٣٧).

1 / 197