112

Qiladat Nahr

قلادة النحر في وفيات أعيان الدهر

Daabacaha

دار المنهاج

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٨ م

Goobta Daabacaadda

جدة

Noocyada

ولثمانية أشهر وأحد عشر يوما من العاشرة: مات عمه أبو طالب، فاشتد حزنه، ثم بعده بثلاثة أيام ماتت خديجة (١)، وكانت له وزير صدق، فتضاعف حزنه (٢). فلما مات أبو طالب .. نالت قريش من رسول الله ﷺ ما لم تكن تطمع به في حياة أبي طالب؛ حتى اعترضه سفيه من سفهاء قريش، فوضع على رأسه ترابا (٣)، وطرح بعضهم على ظهره رحم الشاة وهو يصلي (٤)، وكان بعضهم يطرحها في برمته (٥) إذا نصبت له (٦)، وجميع ذلك إنما هو أذى يتأذى به مع قيام العصمة لجملته؛ ليناله حظه من البلاء، وليتحقق به مقام الصبر الذي أمر به كما صبر أولو العزم من الرسل. ولثلاثة أشهر من موت أبي طالب خرج ﷺ إلى ثقيف أهل الطائف وحده، وقيل: كان معه زيد بن حارثة، فأقام بها شهرا يدعوهم إلى الإسلام، فردوا عليه أقبح رد، واستهزؤوا به وأغروا به سفاءهم وعبيدهم يسألونه ويصيحون خلفه حتى ألجئوه إلى ظل حائط لعتبة وشيبة ابني ربيعة وكانا حينئذ هناك، فأرسلا إليه بطبق عنب مع غلامهما عدّاس فسأله ﷺ عن دينه وبلاده، فقال: إنه نصراني من أهل نينوى، فقال ﷺ: «من قرية الصالح يونس بن متّى؟» فقال له عداس: وما يدريك؟ فقال ﷺ: «ذاك أخي، هو نبي وأنا نبي»، فقبل عداس رأسه ويديه ورجليه (٧). وانصرف ﷺ من الطائف راجعا مهموما مغموما، فلما بلغ قرن الثعالب وهو قرن المنازل .. أتاه جبريل ومعه ملك الجبال، واستأذنه أن يطبق عليهم الأخشبين وهما

= بخمس سنين، وقيل: بأربع، وقيل: بأكثر، والأول أصح). (١) البيهقي في «الدلائل» (٢/ ٣٥٢) وروى ابن سعد في «الطبقات» (١/ ١٧٩): أنها توفيت بعد أبي طالب بشهر وخمسة أيام، وقيل غير ذلك. (٢) البخاري (٣٨٩٦)، والحاكم (٣/ ١٨٢)، والطبري في «التاريخ» (٢/ ٣٤٣)، وانظر «سبل الهدى والرشاد» (٢/ ٥٧١). (٣) «سيرة ابن هشام» (٢/ ٤١٦)، و«تاريخ الطبري» (٢/ ٣٤٤)، و«دلائل النبوة» للبيهقي (٢/ ٣٥٠). (٤) في «البخاري» (٣١٨٥)، و«مسلم» (١٧٩٤) من حديث ابن مسعود ﵁: (أن عقبة بن أبي معيط جاء بسلا جزور وقذفه على ظهر النبي ﷺ وهو ساجد، فلم يرفع رأسه حتى جاءت فاطمة ﵍ فأخذته عن ظهره، ودعت على من صنع ذلك). (٥) البرمة: القدر. (٦) «سيرة ابن هشام» (٢/ ٤١٦)، و«تاريخ الطبري» (٢/ ٣٤٣). (٧) ذكره ابن هشام في «السيرة» (٤/ ٤٢١)، والطبري في «التاريخ» (٢/ ٣٤٥)، وأبو نعيم في «الدلائل» (١/ ٣٨٩)، والبيهقي في «الدلائل» (٢/ ٤١٤).

1 / 121