من الله تعالى عليك لما أختار غير الصلاة من الله تعالى فما ظنك بمن يصلي عليه ربنا سبحانه وجميع ملائكته على الدوام والإستمرار فكيف يحسن بالؤمن أن لا يكثر من الصلاة عليه أو بغفل عن ذلك قاله الفاكهاني ولعله نظر في أول كلامه إلى أن ذلك سيق مساق الإمتنان أو إلى أن الجملة ذات الوجهين كما تدل بخبرها على التجدد والحدوث تدل بمبتدأها على الاستقرار والثبوت ... فحينئذ الجمع بينهما يدل على ما ذكر وقد ذكر أهل المعاني أن الحكمة في العدول عن مستهزئ في قوله تعالى ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾ قصد استمرار اإستهزاء وتجدده وقتًا فوقتًا وأفاد أيضًا أنه ليس في القرآن ولا غيره فما علم صلاة من الله على غير نبينا ﵌ فهي خصوصية أختصه الله بها دون سائر الأنبياء انتهى.
وقد ذكروا في هذه الآية الشريفة فوائد منها ما رواه الواحدي عن أبي عثمان الواعظ سمعت الإمام سهل بن محمد يقول هذا التشريف الذي شرف الله تعالى به محمدًا ﷺ بقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾ الآية أتم وأجمع من تشريف آدم ﵇ بأمر الملائكة له بالسجود لأنه لا يجوز أن يكون الله مع الملائكة في ذلك التشريف وقد أخبر الله سبحانه عن نفيه بالصلاة على النبي ﷺ، ثم عن الملائكة فتشريف يصدر عنه أبلغ من تشريف يختص به الملائكة من غير أن يكون الله تعالى معهم في ذلك ومنها أن من كان قليل النوم يقرؤها عند منامه فيقول ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾ الآية ذكره ابن بشكوال عن عبدوس الرازي أنه وصفه لإنسان قليل نوومه وسيأتي ذكره في الباب الأخير أيضًا إن شاء الله تعالى ومنها ما ذكره ابن أبي الدنيا ومن طريقه ابن بشكوال عن ابن أبي فديك سمعت بعض من أدركت يقول بلغنا أنه من وقف عند قبر النبي ﷺ فتلا هذه الآية ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ ثم قال صلى الله عليك يا محمد حتى يقولها سبعين مرة ناداه ملك صلى الله عليك يا فلان لم تسقط لك حاجة ومنها ما أسنده بأن بشكوال عن أحمد بن محمد بن عمر اليماني قال كنت بصنعاء فرأيت رجلًا والناس مجتمعون عليه فقلت ما هذا قالوا هذا رجل كان يؤم بنا في شهر رمضان وكان حسن الصوت بالقرآن فلما بلغ ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾ قرأ يصلون على
1 / 36