طَائِفَةٌ﴾ الآية والدليل على أن التفقه أصل الاستنباط والاستدلال على الشيء بغيره حديث زياد بن لبيد قال ذكر رسول الله ﷺ شيئا وقال ذلك أوان ذهاب العلم قلت: كيف يذهب العلم وكتاب الله عندنا نقرأه ونقرأه ابنائنا فقال: "ثكلتك أمك يا زياد أن كنت لأراك من فقهاء المدينة أو من افقه رجل بالمدينة أو ليس اليهود والنصارى يقرءون التوراة والأنجيل ولا يعلمون بشىء مما فيهما" ١ فدل قوله: "أن كنت اعدك من فقهاء المدينة" على أنه لما لم يستنبط علم ما اشكل عليه من ذهاب العلم مع بقاء الكتاب بما شاهده من زوال العلم عن اليهود والنصارى مع بقاء التوراة والأنجيل عندهم حرج عن الفقه فهذا يدل على ماذكرناه من أن الفقه هو استنباط حكم المشكل من الواضح وعلى هذا قوله ﷺ: "رب حامل فقه غير فقيه" ٢ أي غير مستنبط ومعناه أنه يحمل الرواية من غير أن يكون له أستدلال ولا أستنباط فيها.
"وأما أصول الفقه" فهي من حيث اللغة ما يتفرع عليه الفقه٣ وعند الفقهاء هي طريق الفقه التي يؤدى الاستدلال بها إلى معرفة الأحكام الشرعية٤ وهي تنقسم إلى قسمين إلى دلالة وإمارة فالدلالة ما أدى النظر الصحيح فيه إلى العلم٥ والإمارة ما أدى النظر الصحيح فيه إلى غالب الظن٦ ويقال في حد إلا صل ما ابتنى عليه غيره والفرع ما ابتنى على غيره.
وقيل الأصل مايقع التوصل به إلى معرفة ما وراءه والعبارتان مدخولتان لأن من أصول الشرع ما هو عقيم لا يقبل الفرع ولا يقع به التوصل إلى ما وراءه بحال مثل.
_________
١ أخرجه الترمذي في العلم ٥/٣١ - ٣٢ الحديث ٢٦٥٣ وابن ماجه في الفتن ٢/١٣٤٤ الحديث ٤٠٤٨ والإمام أحمد في مسنده ٦/٣٠ الحديث ٢٤٠٤٥.
٢ أخرجه أبو داود في العلم ٣/٣٢٢ الحديث ٣٦٦ والترمذي في العلم ٥/٣٣، ٣٤ الحديث ٢٦٥٦ وابن مادجه في المقدمة ١/٨٥ الحديث ٢٣١ والدارمي في المقدمة ١/٨٦ الحديث ٢٢٨ والإمام أحمد في مسنده ١/٤٣٧ ٥/١٨٣.
٣ تقدم الكلام على هذا في أول الكتاب.
٤ تقدم الكلام عنه أيضا في أول الكتاب.
٥ أو يتوصل به إلى معرفة المدلول انظر الكفاية في الجدل لإمام الحرمين ص ٤٦ تحقيق دكتور فوقية حسين محمود.
٦ كالغيم بالنسبة إلى المطر فإنه يلزم من العلم به الظن بوجودالمطر والفرق بين الأمارة والعلامة أن العلامة ما لا ينفك عن الشيء كوجود الألف واللام على الاسم والأمارة تنفك عن الشيء كالغيم بالنسبة للمطر التعريفات للجرجاني ص ٢٩، ٣٠.
1 / 21