وقد ورد بمعنى على قال الله تعالى: ﴿وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ﴾ [الانبياء: ٧٧] أي على.
واما عن فيكون بمعنى من١ إلا في مواضع خاصة قالوا: من تكون للانفصال والتبعيض وعن لا تقتضى الفصل يقال أخذت من مال فلان ويقال أخذت من عمل فلان وقد اختصت الاسانيد بالعنعنة ولا تستعمل كلمة من في موضعه وقالوا: من لا يكون إلا حذفا وعن تكون اسما تدخل من عليه يقال أخذت من عن الفرس جله٢.
واما من المفتوحة فلها ثلاثة مواضع:
أحدها للخبر كقولك جاءني من أحببت وأعجبني من رايت.
والثاني للشرط والجزاء كقولك من جاءني اكرمته ومن عصاني عاقبته٣.
والثالث للاستفهام٤ كقولك من عندك فتقول زيد أو عمرو.
واما إلى فلانتهاء الغاية٥ يقال من كذا إلى كذا وقال سيبويه إذا قرن بمن اقتضى.
_________
١ نحو: ﴿يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ﴾ [التوبة: ١٠٤] أي منهم بدليل قوله تعالى: ﴿فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا﴾ [المائدة: ٢٧] وتأتي عن للمجاوزة نحو قوله تعالى: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ﴾ [النور: ٦٣] أي يجاوزونه ويبعدون عنه.
وتأتي عن بمعنى البدل نحو قوله تعالى: ﴿لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا﴾ [البقرة: ٤٨] .
وتأتي عن بمعنى التعليل نحو قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ﴾ [التوبة: ١١٤] أي لأجل موعدة.
وتأتي عن بمعنى على نحو قوله تعالى: ﴿فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ﴾ [محمد: ٣٨] أي عليها.
وتأتي عن بمعنى بعد نحو قوله تعالى: ﴿يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ﴾ [المائدة: ١٣] بدليل أن في أخرى: ﴿مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ﴾ [المائدة: ٤١] .
وترد عن اسما إذا دخل عليها من وجعل ابن هشام قوله تعالى: ﴿لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ﴾ [الأعراف: ١٧] قال فتقدر معطوفة على مجرور من لا على من ومجرورها انظر الإتقان في علوم القرآن للسيوطي ٢/١٠٣.
٢ ذكر إمام الحرمين الجويني بنصه وتمامه انظر البرهان ١/١٩١، ١٩٢.
٣ ونحو قوله تعالى: ﴿مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ﴾ [النساء: ١٢٣] انظر الإتقان في علوم القرآن ٢/٢٤٩ وانظر جمع الجوامع ١/٣٦٣.
٤ ونحو قوله تعالى: ﴿مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا﴾ [يّس: ٥٢] انظر الإتقان في علوم القرآن ٢/٢٤٩ وانظر جمع الجوامع ١/٣٦٣.
٥ قال إمام الحرمين الجويني: وأما إلى فحرف جار وهو للغاية.
1 / 42