Rules of Rulings in the Interests of People

Al-Izz Ibn Abd al-Salam d. 660 AH
7

Rules of Rulings in the Interests of People

قواعد الأحكام في مصالح الأنام

Daabacaha

مكتبة الكليات الأزهرية

Goobta Daabacaadda

القاهرة

خُلُودُ الْجِنَانِ وَرِضَا الرَّحْمَنِ، مَعَ النَّظَرِ إلَى وَجْهِهِ الْكَرِيمِ، فَيَا لَهُ مِنْ نَعِيمٍ مُقِيمٍ، وَمَفَاسِدَهَا خُلُودُ النِّيرَانِ وَسَخَطُ الدَّيَّانِ مَعَ الْحَجْبِ عَنْ النَّظَرِ إلَى وَجْهِهِ الْكَرِيمِ، فَيَا لَهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ، وَالْمَصَالِحُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: أَحَدُهَا مَصَالِحُ الْمُبَاحَاتِ. الثَّانِي مَصَالِحُ الْمَنْدُوبَاتِ. الثَّالِثُ: مَصَالِحُ الْوَاجِبَاتِ. وَالْمَفَاسِدُ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا: مَفَاسِدُ الْمَكْرُوهَاتِ. الثَّانِي: مَفَاسِدُ الْمُحَرَّمَاتِ. [فَائِدَةٌ قَدَّمَ الْأَوْلِيَاءُ وَالْأَصْفِيَاءُ مَصَالِحَ الْآخِرَةِ عَلَى مَصَالِحِ الدنيا] (فَائِدَةٌ) قَدَّمَ الْأَوْلِيَاءُ وَالْأَصْفِيَاءُ مَصَالِحَ الْآخِرَةِ عَلَى مَصَالِحِ هَذِهِ الدَّارِ لِمَعْرِفَتِهِمْ بِتَفَاوُتِ الْمَصْلَحَتَيْنِ وَدَرَءُوا مَفَاسِدَ الْآخِرَةِ بِالْتِزَامِ مَفَاسِدِ بَعْضِ هَذِهِ الدَّارِ لِمَعْرِفَتِهِمْ بِتَفَاوُتِ الرُّتْبَتَيْنِ. وَأَمَّا أَصْفِيَاءُ الْأَصْفِيَاءِ فَإِنَّهُمْ عَرَفُوا أَنَّ لَذَّاتِ الْمَعَارِفِ وَالْأَحْوَالِ أَشْرَفُ اللَّذَّاتِ فَقَدَّمُوهَا عَلَى لَذَّاتِ الدَّارَيْنِ. وَلَوْ عَرَفَ النَّاسُ كُلُّهُمْ مِنْ ذَلِكَ مَا عَرَفُوهُ؛ لَكَانُوا أَمْثَالَهُمْ فَنَصِبُوا لِيَسْتَرِيحُوا وَاغْتَرَبُوا لِيَقْتَرِبُوا. فَمِنْهُمْ مَنْ تَحْضُرُهُ الْمَعَارِفُ بِغَيْرِ تَكَلُّفٍ، فَيَنْشَأُ عَنْهَا الْأَحْوَالُ اللَّائِقَةُ بِهَا بِغَيْرِ تَصَنُّعٍ وَلَا تَخَلُّقٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَذْكِرُ الْمَعَارِفَ لِيَنْشَأَ عَنْهَا أَحْوَالُهَا، وَشَتَّانَ مَا بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ. وَقَدْ يَتَكَلَّفُ الْمَحْرُومُ اسْتِحْضَارَ الْمَعَارِفِ فَلَا تَحْضُرُهُ، فَسُبْحَانَ مَنْ عَرَّفَ نَفْسَهُ لِهَؤُلَاءِ مِنْ غَيْرِ تَعَبٍ وَلَا نَصَبٍ وَلَا اسْتِدْلَالٍ وَلَا وَصَبٍ، بَلْ جَادَ عَلَيْهِمْ وَسَقَاهُمْ خَالِصَ وَبْلِهِ وَصَافِيَ فَضْلِهِ فَشَغَلَهُمْ بِهِ عَمَّا سِوَاهُ فَلَا هَمَّ لَهُمْ سِوَاهُ وَلَا مُؤْنِسَ لَهُمْ غَيْرَهُ وَلَا مُعْتَمَدَ لَهُمْ إلَّا عَلَيْهِ، لِعِلْمِهِمْ أَنَّهُ لَا مَلْجَأَ لَهُمْ إلَّا إلَيْهِ؛ فَرَضُوا بِقَضَائِهِ وَصَبَرُوا عَلَى بَلَائِهِ وَشَكَرُوا لِنَعْمَائِهِ، يَتَّسِعُ عَلَيْهِمْ مَا يَضِيقُ عَلَى النَّاسِ وَيَضِيقُ عَلَيْهِمْ مَا يَتَّسِعُ لِلنَّاسِ، أَدَبُهُمْ الْقُرْآنُ مُعَلِّمُهُمْ الرَّحْمَنُ وَجَلِيسُهُمْ الدَّيَّانُ وَسَرَابِيلُهُمْ الْإِذْعَانُ، قَدْ انْقَطَعُوا عَنْ الْإِخْوَانِ وَتَغَرَّبُوا عَنْ الْأَوْطَانِ، بُكَاؤُهُمْ طَوِيلٌ وَفَرَحُهُمْ قَلِيلٌ يَرِدُونَ كُلَّ حِينٍ مَوْرِدًا لَمْ يَتَوَهَّمُوهُ، وَيَنْزِلُونَ مَنْزِلًا لَمْ يَفْهَمُوهُ، وَيُشَاهِدُونَ مَا لَمْ يَعْرِفُوهُ، لَا يَعْرِفُ مَنَازِلَهُمْ عَارِفٌ، وَلَا يَصِفُ أَحْوَالَهُمْ وَاصِفٌ، إلَّا مَنْ نَازَلَهَا وَلَابَسَهَا، قَدْ اتَّصَفُوا بِأَخْلَاقِ الْقُرْآنِ عَلَى حَسْبِ الْإِمْكَانِ، وَتِلْكَ الْأَخْلَاقُ مُوجِبَةٌ لِرِضَا الرَّحْمَنِ وَسُكْنَى الْجِنَانِ فِي الرَّغَدِ وَالْأَمَانِ، مَعَ النَّظَرِ إلَى الدَّيَّانِ.

1 / 9