Rules of Rulings in the Interests of People

Al-Izz Ibn Abd al-Salam d. 660 AH
52

Rules of Rulings in the Interests of People

قواعد الأحكام في مصالح الأنام

Daabacaha

مكتبة الكليات الأزهرية

Goobta Daabacaadda

القاهرة

الْوَسَائِلِ، وَالْوَسِيلَةُ إلَى أَرْذَلِ الْمَقَاصِدِ هِيَ أَرْذَلُ الْوَسَائِلِ، ثُمَّ تَتَرَتَّبُ الْوَسَائِلُ بِتَرَتُّبِ الْمَصَالِحِ وَالْمَفَاسِدِ، فَمَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ لِلْوُقُوفِ عَلَى تَرَتُّبِ الْمَصَالِحِ عَرَفَ فَاضِلَهَا مِنْ مَفْضُولِهَا، وَمُقَدَّمَهَا مِنْ مُؤَخَّرِهَا، وَقَدْ يَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ فِي بَعْضِ رُتَبِ الْمَصَالِحِ فَيَخْتَلِفُونَ فِي تَقْدِيمِهَا عِنْدَ تَعَذُّرِ الْجَمْعِ، وَكَذَلِكَ مَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ لِمَعْرِفَةِ رُتَبِ الْمَفَاسِدِ فَإِنَّهُ يَدْرَأُ أَعْظَمَهَا بِأَخَفِّهَا عِنْدَ تَزَاحُمِهَا، وَقَدْ يَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ فِي بَعْضِ رُتَبِ الْمَفَاسِدِ فَيَخْتَلِفُونَ فِيمَا يُدْرَأُ مِنْهَا عِنْدَ تَعَذُّرِ دَفْعِ جَمِيعِهَا، وَالشَّرِيعَةُ طَافِحَةٌ بِمَا ذَكَرْنَاهُ وَسَنَذْكُرُ أَمْثِلَةَ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. [فَصْلٌ فِي بَيَانِ رُتَبِ الْمَصَالِحِ] ِ وَهِيَ ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا مَصْلَحَةٌ أَوْجَبَهَا اللَّهُ ﷿ نَظَرًا لِعِبَادِهِ، وَهِيَ مُتَفَاوِتَةُ الرُّتَبِ مُنْقَسِمَةٌ إلَى الْفَاضِلِ وَالْأَفْضَلِ وَالْمُتَوَسِّطُ بَيْنَهُمَا. فَأَفْضَلُ الْمَصَالِحِ مَا كَانَ شَرِيفًا فِي نَفْسِهِ، دَافِعًا لِأَقْبَحِ الْمَفَاسِدِ، جَالِبًا لِأَرْجَحِ الْمَصَالِحِ، وَقَدْ «سُئِلَ ﵇ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: إيمَانٌ بِاَللَّهِ، قِيلَ ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قِيلَ ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: حَجٌّ مَبْرُورٌ» . جَعَلَ الْإِيمَانَ أَفْضَلَ الْأَعْمَالِ لِجَلْبِهِ لِأَحْسَنِ الْمَصَالِحِ، وَدَرْئِهِ لِأَقْبَحِ الْمَفَاسِدِ، مَعَ شَرَفِهِ فِي نَفْسِهِ وَشَرَفِ مُتَعَلَّقِهِ، وَمَصَالِحُهُ ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا عَاجِلَةٌ وَهِيَ إجْرَاءُ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ، وَصِيَانَةُ النُّفُوسِ وَالْأَمْوَالِ وَالْحُرُمِ وَالْأَطْفَالِ. وَالثَّانِي: آجِلَةٌ وَهُوَ خُلُودُ الْجَنَانِ وَرِضَاءُ الرَّحْمَنِ. وَجَعْلُ الْجِهَادِ تِلْوَ الْإِيمَانِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِشَرِيفٍ فِي نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ وُجُوبُ الْوَسَائِلِ - وَفَوَائِدُهُ ضَرْبَانِ أَحَدُهُمَا مَصَالِحُهُ، وَهِيَ مُنْقَسِمَةٌ إلَى الْعَاجِلِ وَالْآجِلِ فَأَمَّا مَصَالِحُهُ الْعَاجِلَةُ فَإِعْزَازُ الدِّينِ، وَمَحْقُ الْكَافِرِينَ، وَشِفَاءُ صُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ اغْتِنَامِ أَمْوَالِهِمْ وَتَخْمِيسِهَا، وَإِرْقَاقِ نِسَائِهِمْ وَأَطْفَالِهِمْ. وَأَمَّا مَصَالِحُ الْآجِلَةِ فَالْأَجْرُ الْعَظِيمُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء: ٧٤]،

1 / 54