Rules of Rulings in the Interests of People
قواعد الأحكام في مصالح الأنام
Daabacaha
مكتبة الكليات الأزهرية
Goobta Daabacaadda
القاهرة
Noocyada
Usulul Fiqh
جَمِيعِ الطَّاعَاتِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ أَحَبُّ الْبِقَاعِ إلَيْكَ أَلَا تَكُونَ أَحَبَّ إلَى رَسُولِهِ. كَمَا لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ أَحَبُّ الْبِقَاعِ إلَى أَنْ تَكُونَ أَحَبَّ الْبِقَاعِ إلَى رَبِّهِ. فَالتَّعْبِيرُ بِالْأَحَبِّ فِي الْبَلَدَيْنِ دَالٌّ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَلَدَيْنِ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، إذْ لَا يُظَنُّ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنْ يُخَالِفَ رَبَّهُ فِي مَحَبَّةِ مَا أَحَبَّهُ. وَيَجُوزُ أَنْ يُوصَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَلَدَيْنِ بِحَسْبِ مَا وَقَعَ فِيهِ: مِنْ إبْلَاغِ الرِّسَالَةِ، وَالْأَمْرِ بِالطَّاعَاتِ، وَالنَّهْيِ عَنْ الْمَعَاصِي، وَكُلُّ ذَلِكَ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ مِمَّا سِوَاهُ مِنْ النَّوَافِلِ، وَأَحْسَنُ مِنْ هَذَا أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: أَخْرَجْتَنِي مِنْ أَحَبِّ الْبِقَاعِ إلَيَّ فِي أَمْرِ مَعَاشِي فَأَسْكِنِّي أَحَبَّ الْبِقَاعِ إلَيْك فِي أَمْرِ مَعَادِي وَهَذَا مُتَّجَهٌ ظَاهِرٌ، فَإِنَّهُ لَمْ يَزَلْ فِي زِيَادَةٍ مِنْ دِينِهِ وَتَبْلِيغِ أَمْرِهِ إلَى أَنْ تَكَامَلَ الْوَحْيُ وَبَشَّرَهُ بِإِكْمَالِ دِينِهِ وَإِتْمَامِ إنْعَامِهِ بِقَوْلِهِ: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا﴾ [المائدة: ٣] .
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَمَاكِنَ وَالْأَزْمَانَ يُوصَفَانِ بِصِفَةِ مَا يَقَعُ فِيهِمَا قَوْله تَعَالَى: ﴿رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا﴾ [إبراهيم: ٣٥] وَقَوْلُهُ ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا﴾ [العنكبوت: ٦٧] فَوَصَفَهُمَا بِصِفَةِ أَهْلِهِمَا.
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: ﴿إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا﴾ [النمل: ٩١] وَصَفَهَا بِالتَّحْرِيمِ الْوَاقِعِ فِيهَا وَهُوَ تَحْرِيمُ صَيْدِهَا، وَعَضُدِ شَجَرِهَا وَاخْتِلَاءِ خَلَائِهَا، وَتَحْرِيمُ الْتِقَاطِ لَقَطَتِهَا إلَّا لِمُنْشِدٍ. وَكَذَلِكَ وَصَفَ ﷾ الْأَشْهُرَ بِالتَّحْرِيمِ.
فِي قَوْلِهِ: ﴿مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ﴾ [التوبة: ٣٦] . وَفِي قَوْلِهِ. ﴿الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: ١٩٤] .
وَقَالَتْ الْعَرَبُ. يَوْمٌ بَارِدٌ وَلَيْلٌ نَائِمٌ، وَنَهَارٌ صَائِمٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ جَرِيرٍ:
وَنِمْت وَمَا لَيْلُ الْمَطِيِّ بِنَائِمٍ
وَفِي الْكِتَابِ. ﴿فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ﴾ [المدثر: ٩]، ﴿فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [الشعراء: ١٥٦] وَكَذَلِكَ يَوْمٌ عَصِيبٌ، وَقَمْطَرِيرٌ، وَثَقِيلٌ. كُلُّ ذَلِكَ صِفَةٌ لِمَا يَحْصُلُ فِي تِلْكَ الْأَزْمَانِ، وَكَذَلِكَ وَصَفَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ بِكَوْنِهَا خَيْرًا مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، إنَّمَا هُوَ وَصْفٌ لِلْعَمَلِ الْوَاقِعِ فِيهَا.
وَأَمَّا فَضْلُ الثُّغُورِ فَعَائِدٌ إلَى فَضِيلَةِ الرِّبَاطِ
1 / 49