قالت: «لا شيء يا بنية، إنما هي وعكة خفيفة.»
وسكت لسانها، وراحت تحدث نفسها وتستمع إلى خواطرها، وطال صمتها وانقباضها عن مولاتها حتى نالتها العلة، واشتد بها الوجع ذات ليلة في بعض منازل الطريق وأصبحت ميتة، لم تكشف عن سرها ولم تتحدث إلى أحد برؤياها.
وكان على الطريق قبر مهيأ، فألقيت إليه ...
واستأنف الموكب سيره، وكانت أصداء الأغاني ما تزال تتجاوب بين الشرق والغرب، وعن يمين وشمال، في غنوة واحدة:
قطر الندى!
قطر الندى!
ولكن قطر الندى منذ ذلك اليوم لم تطرب لشيء مما تتجاوب به الأصداء، فقد أحست منذ فقدت أم آسية بالوحدة الخانقة، وهي في الموكب الحاشد، وكأنما خيل لها في اليقظة ما رأته أم آسية في المنام، فانقبضت منذ اليوم ولم تهنأ بسعادة عيش ...
واستمر الموكب في سيره، وأصداء الأغاني تتجاوب بين الشرق والغرب، وعن يمين وشمال ... وبلغ الموكب شاطئ بغداد، في أول المحرم سنة 282.
7
كان أمير المؤمنين المعتضد غائبا بالموصل يوم بلغ الموكب بغداد، فنزلت العروس في دار صاعد بن مخلد على شاطئ دجلة، وأسري النبأ بمقدمها إلى الخليفة حيث كان ...
Bog aan la aqoon