الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون﴾، فلم يكن في قادة الأحزاب نجيب ولا ناج ولا مهتد ولا أسلم منهم أحد إلا رجلان وكانا مغموصًا عليهما في دينهما أحدهما أبو سفيان والآخر الحكم بن أبي العاص ﴿ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم﴾، قال الأخفش سعيد ويعقوب هذا التمام، قال الأخفش: ولو وقف على (قلوبهم) كان أيضًا تمامًا، قال أبو جعفر: إذا وقف على (ختم الله على قلوبهم) وقدره بمعنى وختم على سمعهم لم يكن على قلوبهم تمامًا لأن الثاني معطوف عليه، وإن قدر أن الختم على القلوب خاصة فهو تمام، ويقوى هذا أن مجاهدًا قال: أن الذنوب تحيط بالقلب فإذا أحاطت به كله فذلك الطبع.
قال أبو جعفر الطبع والختم واحد والرين دون ذلك والأقفال أشدها فإن قيل فإن كان الثاني معطوفًا على الأول فلم لم يكن وختم الله على قلوبهم وسمعهم ففي هذه ثلاثة أجوبة منها أن إعادة الحرف لمعنى المبالغة في الوعيد، والجواب الثاني أن السمع لما كان واحدًا والقلوب جماعة أعيد الحرف، والجواب الثالث أن المعنى وختم على سمعهم فحذف الفعل وقام الحرف مقامه.
وروى المفضل عن عاصم ﴿وعلى أبصارهم غشاوة﴾ بالنصب، وقدر الكسائي أن المعنى (وجعل على أبصارهم غشاوة) فعلى هذا التقدير يكون (وعلى سمعهم) كافيًا، وأجاز الكسائي أن يكون التقدير (وختم على أبصارهم غشاوة) فعلى هذا القطع على ﴿غشاوة ولهم عذاب عظيم﴾، تمام حسن لأنه قد انقضت
[١/ ٣٦]
1 / 36