ذكر قانون من التأويل في آية معينة
وهذه آية من التوحيد كريمة، وعلى مرتبة في العلم عظيمة، ضربها الله مثلًا للعلم والإيمان، كما ضرب للجهل والكفر مثلًا ما بعدها في قوله:
﴿أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ -إلى قوله- فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ﴾ [النور: ٤٠]
قال علماؤنا: أراد الله مُنَوِّر السموات بما خلق فيها من الأنوار المحسوسة كالكواكب، ومنور القلوب بما خلق فيها من الهدى، ولذلك قالوا: نور بمعنى: هَادِي (١) التفاتًا إلى هذا المعنى (٢).
(١) من القائلين بهذا المعنى القشيري في الإشارات: ٤/ ٢٨٣، ولا يخفى ما فيه من الباطل.
(٢) قال ابن العربي في الأمد الأقصى: ٩١/ أ- ب:
" ... اعلموا أرشدكم الله أن الناس بعد معرفتهم بالنور اختلفوا في وصفه تعالى بأنه نور على سبعة أقوال:
الأول: أن معناه هادي، قاله ابن عباس.
الثاني: أن معناه منور، قاله ابن مسعود، وروي أن في مصحفه: "الله منور السموات والأرض".
الثالث: أنه مزين، قاله أُبيّ بن كعب.
الرابع: أنه ظاهر.
الخامس: أنه ذو النور.
السادس: أنه نور لا كالأنوار.
السابع: أنه لا يقال فيه أنه نور إلا بالإضافة، قالته المعتزلة .... ".
قلت: وبعد أن سرد هذه الأقوال عقب عليها بقوله: " ... والصحيح عندنا أنه نور لا كالأنوار لأنه حقيقة، والعدول عن الحقيقة إلى أنه هادي أو مُنَوِّر وما أشبه ذلك هو مجاز من غير دليل فلا يصح .... " الأمد: ٩٢/ ب. وانظر: واضح السبيل إلى معرفة قانون التأويل (مخطوط =