Qaahiro
القاهرة: نسيج الناس في المكان والزمان ومشكلاتها في الحاضر والمستقبل
Noocyada
التوزيع المكاني لوظائف القاهرة الرئيسية في القرن 18.
ومما لا شك فيه أن الفترة العثمانية الطويلة من 1517 إلى 1797 قد جمدت النمو في القاهرة، وأبقت القاهرة على ما كانت عليه من امتداد بعد أن أصبحت ولاية عثمانية، وصحيح أن السلطان سليم انتقص من القاهرة مركز الخلافة ومهرة الصناع، إلا أنه لا يجب أن نبالغ في أثر ذلك على أنه مسبب الركود المصري؛ فالتبعية السياسية لا تعني بالضرورة انتقال النشاط الاقتصادي دفعة واحدة بل تدريجيا، وحتى هذا لم يحدث سوى في بداية الحكم العثماني لمصر، وظلت مصر مركزا تجاريا مهما بحكم علاقتها المكانية التي بنيت على مئات السنين. هذا فضلا عن أن الدولة العثمانية ظلت لفترة طويلة دولة حرب؛ فلم تنشئ علاقات ترث مصر بالنسبة لأوروبا، ومن ثم كان احتياجها المستمر لضريبة مصر السنوية إليها، الأمر الذي لا يفيد معه إرباك الاقتصاد المصري؛ لهذا نجد أن الدولة العثمانية كانت تحكم مصر بطريق غير مباشر بواسطة بكوات المماليك المصرية.
لكن أكبر عامل في الركود المصري كان استيلاء البرتغاليين والأوروبيين على تجارة الهند بعد أن كانت شبه حكر على التجارة المصرية، وحيث إن الصراع البحري المصري البرتغالي كان قد بدأ في حكم السلطان الغوري بمعارك غير حاسمة، فإن ذلك كان إيذانا ببداية عهد جديد تسيطر فيه أوروبا على المحيط الهندي. فلا الأسطول المصري أو المصري العثماني فيما بعد، كان بقادر وحده على الوقوف أمام المد التجاري العسكري الأوروبي، ومع ذلك لا يجب تصور أن تجارة الشرق قد توقفت في مصر تماما، بل ظل لها جانب من هذه التجارة، وبخاصة البن والبخور والتوابل، تحتكرها لأسواق الشرق العثماني وأوروبا المطلة على البحر المتوسط كاستمرار للتجارة مع البندقية وجنوا ومرسيليا فترة من الزمن. هذا فضلا عن تصدير المنسوجات المصرية المتميزة، مثل: الدميطي في المحلة ودمياط ورشيد ومنفلوط وأسيوط، والقمح والأرز.
ومن هنا كان الركود في مصر والقاهرة على درجات: (1)
تناقص تجارة المحيط الهندي. (2)
الاحتلال العثماني وفقدان المبادآت المصرية. (3)
تنازع المماليك على السلطة الداخلية فيما بينهم، فقد كان النظام المملوكي يتجه إلى نهايته.
والخلاصة أنه في مجال بناء القاهرة كانت جهود الأيوبيين منصرفة إلى إنشاء القلاع والحصون والأسوار؛ فقد كانت دولة حرب ضد الصليبيين، ومع ذلك فقد انشغل الأيوبيون أيضا بتثبيت المذهب السني، ومن ثم كان الاتجاه إلى إنشاء الجوامع والمدارس لتدريس مذاهب السنة الأربعة، وبرغم أن المماليك كانوا دولة حرب في جانب كبير من عصرهم ضد المغول وبقايا الصليبيين، فإننا نجدهم يتنافسون في شتى أنواع العمارة الدينية في صورة المساجد الرائعة، من جامع الظاهر بيبرس إلى قمة الفن المعماري وضخامته؛ متمثلا في جامع ومدرسة السلطان حسن بن الناصر قلاوون، وإلى جامع قايتباي الذي يقول عنه الثقاة: إنه أقصى ما وصل إليه المعمار الإسلامي التجريدي من فنون.
42
شكل 3-6:
Bog aan la aqoon