فقال الشاب بحماس: كليتي ...
وهي وإن كانت الضرورة تحتم عليها أن تتم دراستها، إلا أنها ودت لو قال لها مثلا: «حسبك دراسة وهلمي إلى عشنا!» فشعرت بشيء من الاستياء وسألته: لماذا أختار كليتك؟ - لنكون عقلا واحدا، وفنا واحدا، ومهنة واحدة ... - مهنة واحدة؟
فقال بحماسه الذي لا ينضب: أجل يا حبيبتي، وظيفة المرأة أخطر شأنا من عمل الجارية. محال أن أخون مبادئي، أو أن أرضى بحرمان المجتمع عضوا جميلا نافعا مثلك!
وكانت مقتنعة برأيه على وجه آخر؛ لأن الضرورة تملي عليها أن تختار مهنة يوما ما، بيد أنه ضايقها - وإن لم تدر لماذا - حماسه لرأيه، وودت لو كانت هي التي حملته على قبوله على تمنع وتردد منه.
ومضيا في الطريق المقفر، يستلهمان آمالهما الحديث، ويفصلان حديثهما بالقبل.
كانت إحسان شحاتة عظيمة الشعور بأمرين؛ جمالها وفقرها. كان جمالها فائقا، وقد استأسر سكان دار الطلبة، وجعل سكان الحجرات يرسلون شواظ أنفسهم فتلتقي جميعا في شرفة الدار الصغيرة البالية، وترتمي عند قدم الفتاة الحسناء الفخور، ولكن لم توجد بالدار مرآة حقيقة بأن تعكس ذلك الجمال الصبيح؛ فالفقر حقيقة ماثلة كذلك، وقوى شعورها به إخوتها السبعة الصغار، وأن لا مورد لهم إلا دكان سجائر مساحتها متر مربع، وجل زبائنها من الطلبة! وطالما خافت على جمالها عوادي الفقر، وسوء التغذية. والواقع أنه لولا وصفات أمها - كانت الأم من قيان شارع محمد علي قبل أن يتزوجها المعلم شحاتة تركي - لهزل جسمها، ولذبل ردفاها اللذان مدحهما أحد شعراء كلية الطب بمعلقة رنانة. وقد عرفت علي طه، اختاره قلبها من دار الطلبة جميعا، وحظي بإعجابها شبابه وجماله ونبله ومستقبله، بيد أن أمرين هامين جعلا يتنازعان قلبها من أول لحظة؛ حياة قلبها وحياة أسرتها، أو بمعنى آخر علي طه والإخوة السبعة الصغار. وكانت عرفت - قبل علي طه - شابا موسرا من طلاب القانون، وقد أدركت من سلوكه أنه يطمع فيها متعة لقلبه ولهوا لشبابه، فأخذت حذرها، وكان والداها يطلعان على أسرار حياتها، فما راعها إلا إغراء أمها وطمع أبيها في مال الشاب! وتنبهت إلى حقائق حياتها المرة، وخوافيها المحزنة. والواقع أن والديها لم يضمرا للأخلاق احتراما قط، وكانت شركتهما عشقا قبل أن تصير زواجا، وظل أبوها يرتزق في سوق الجمال بجماله وصفاقته حتى تزوجته أمها ووهبته ما ادخرت من مال ليتاجر به، فبدد ما بدد على المخدرات والقمار، وبقيت له دكان السجائر الصغيرة، ولكنه كان يقول لنفسه متعزيا: «ضاعت حياتي حقا، ولكن البركة في إحسان.» فوجدت فيه الفتاة كما وجدت في أمها عونا للشيطان والسقوط، ولكنها لم تسارع إلى السقوط؛ فقد تلقت إهانة عن غير قصد، فثار كبرياؤها وأنقذها؛ إذ رأت الشاب صديقها يجالس أباها يوما في الدكان، فأدركت أنه يساومه على عرضها، وثار غضبها، وشعرت بالخزي والعار، ثم قطعت الشاب بقسوة لم تدع له أملا! خرجت من التجربة ظافرة، ولكن بعد أن علمت أنها تعيش في بؤرة، ثم إنها شعرت في قرارة نفسها بأنها تخلصت فجأة من الرقابة والقيود، وأنها صارت حرة تفعل ما تشاء بغير حساب. وأحدث شعورها بتلك الحرية المطلقة في نفسها ثورة، لبثت حينا بغير هدف ولا وازع أيضا، ولكن يقظة جنونية دبت في عواطفها فتمطت ترتاد متنفسا، وإن عقلها الحياء والتردد. كان الجو خانقا، والرئتان سليمتين، فدلت الظواهر على أن النهاية محتومة ما منها مناص، وجعل أبوها الفاجر يقول لها متأسفا على ضياع الشاب الموسر: «إنك مسئولة عنا جميعا، وخصوصا إخوتك السبعة.» رباه، هل تستطيع أن تعتصم بإرادتها حيال تلك الدوافع الفاجرة؟ ألا يمكن أن يتواصوا بالصبر حتى تتم تعلمها بمعهد التربية وتجد مهنة شريفة ترتزق منها؟! واستسلمت للمقادير في غير ثقة ولا إيمان شأن ضعاف الإرادة ... حتى جاء علي طه. وجدت في علي ودا صادقا، وإخلاصا قويا، ومقصدا نبيلا، فدعم إرادتها المزعزعة، وأنقذها من غمرة الحيرة والخوف، وأعاد إليها شعور الاحترام والكبرياء؛ فأحبته وناطت به آمالها، ورمق عم شحاتة تركي الشاب الجديد باستياء، وقال عنه: «إنه شاب فقير، حتى السجائر لا يدخنها!» وقال للفتاة مرة ساخرا: «مبارك عليك الشاب الجميل الذي بعثه الله ليجوعنا!» ولكنها أعرضت عنه، ووضعت أملها في المستقبل؛ فهو كفيل بأن يهيئ لها مهنة محترمة، وأن يحقق لها أحلام قلبها ...
أما علي طه فكان شابا ذا مزايا حسنة كثيرة، كان مثالا طيبا للروح الاجتماعية الحقة؛ ففي عهد دراسته الأول كان عضوا بارزا في القسم المخصوص، وجمعية الرحلات المدرسية، وجماعة الخطابة والصحافة، يجيد الحديث والخطابة وطهي الطعام والغناء، مع ميل محمود للاطلاع والثقافة، واستمساك مخلص بالفضيلة. وبانتقاله إلى الجامعة ضاق ميدان نشاطه، ولكنه عمق وارتفع، فصار «الأستاذ» علي رئيسا لجماعة المناظرات، وتميز على الأقران بقوته الخطابية وثقافته العامة وحضور بديهته، وكان يهتم بالمثل العليا، ويتحدث بحماس وإيمان عن المدينة الفاضلة، فصدقه عارفوه، ولكن بعض المغرمين بالنقد أشاعوا عنه أنه داهية لا يشق له غبار، وأنه يغزو الأوساط جميعا ملثما بالفضيلة، فيصيد الحسان باسم العلم والفضيلة، وأنه يتحدث عن الأخلاق كما تتحدث الخاطبة عن عروس لم ترها، ولكنهم غالوا وكذبوا. والحقيقة أن الشاب كان صادقا مخلصا، وأنه إذا كان يحب الجمال فقد أحبه بنزاهة وإخلاص. بيد أن حياته لم تخل من أزمات عنيفة؛ فقد تزعزعت عقيدته منذ مستهل حياته الجامعية، وتعرض لآلام التحول الفتاكة، ولكنه كان شجاعا صادقا، فاستقبل الحياة الجديدة بإرادة متوثبة، وعقل شغوف بالحق، ولم يكن من الهازئين الماجنين، ولم يكتم إعجابه بمأمون رضوان لصدقه وشجاعته، ولكنه ارتمى بين أحضان الفلسفة المادية؛ هيجل وستولد وماخ، وآمن بالتفسير المادي للحياة، وارتاح أيما ارتياح للقول بأن الوجود مادة، وأن الحياة والروح تفاعلات مادية معقدة ، وأن الشعور صفة ملازمة عديمة الأثر كصوت العجلة الذي يلازم دورانها دون أن يكون له فيه أي أثر. وطالما قال له مأمون رضوان: إن الفلسفة المادية فلسفة سهلة، ولكنها لا تحل مسألة واحدة حلا مقبولا. ولكن علي طه كان شابا اجتماعيا، لا يصبر على التأمل طويلا، ويذاكر في أسبوع ما ربما ذاكره مأمون في يومين؛ فإلى جانب وقت القراءة هناك وقت للرياضة، وآخر للمناظرة، وثالث للرحلة، ورابع للحب ... إلخ. فحسبه من الفلسفة هذا التفسير الجامع، وليستأنف سيره في الحياة، ولكن هنالك عقبة كأداء تنذر بأن تصير هاوية جارفة: الأخلاق؟ ... نهضت أخلاقه فيما مضى على دعامة من الدين، فعلام تنهض اليوم؟! ... ما الذي يمسك على الفضائل قيمتها بعد الله؟! أم تراه يزدريها كما ازدرى عقيدته من قبل، ثم يلقي بنفسه في تيار الحياة الجارف بلا وازع ولا ضمير؟! إن المنطق واضح، والنهاية محتومة، ولكنه تردد وتماسك، واتقى بقوة القصور الذاتي، وتساءل: ألا يمكن أن يحيا كما حيي أبو العلاء؟ ولكن أبا العلاء كان ضريرا مجدورا سوداويا، أما هو فشاب جميل مفتول العضلات، اجتماعي المزاج، فأنى يكون له الزهد والتقشف؟! ووجد نفسه في مثل الحيرة التي وجدت فيها إحسان شحاتة عقب تحررها من ظل والديها. وأخيرا ظفر بمنقذه كما ظفرت بمنقذها، التقى بأوجست كونت رجل المجتمع، وبشره الفيلسوف بإله جديد هو المجتمع، ودين جديد هو العلم. آمن بالمجتمع البشري والعلم الإنساني، واعتقد أن للملحد - كما للمؤمن - مبادئ ومثلا إذا شاء وشاءت له إرادته، وأن الخير أعمق أصولا في الطبيعة البشرية من الدين؛ فهو الذي خلق الدين قديما، وليس الدين الذي أوجده كما كان يتوهم، وجعل يقول عن نفسه: «كنت فاضلا بدين وبغير عقل، وأنا اليوم فاضل بعقل وبلا خرافة!» وثاب إلى مثله العليا آمنا مطمئنا، ممتلئا حماسا وقوة، وشغف بالإصلاح الاجتماعي، وحلم بالجنة الأرضية، فدرس المذاهب الاجتماعية، حتى طاب له أن يدعو نفسه اشتراكيا ... وانتهى المطاف بروحه - التي بدأت رحلتها إلى مكة - إلى موسكو! وطمع يوما أن يجذب أصدقاءه المقربين إلى الاشتراكية ، ولكنه لم يفلح. قال له أحمد بدير معتذرا: «إني صحافي وفدي، والوفد حزب رأسمالي.» وقاله له مأمون رضوان بإيمانه المعروف: «للإسلام اشتراكيته المعقولة، فيه الزكاة التي تضمن لو طبقت بدقة العدالة الاجتماعية دون جور على الغرائز التي يستمد الإنسان منها العون في كفاحه؛ فإذا أردت للدنيا نظاما يهيئ لها الأخوة الحقة والسعادة والعدالة، فدونك والإسلام.» أما محجوب عبد الدائم فهز منكبيه استهانة وقال باقتضاب: «طظ.» ومهما يكن من أمر فقد عرف لحياته هدفا أنقذه من الحيرة والفوضى والفساد، وحق له أن يقول على نفسه مسرورا: «هاكم بطاقتي الشخصية وهي تغني عن كل تعريف؛ فقير واشتراكي، ملحد وشريف، عاشق عذري!»
5
انتظر محجوب عبد الدائم في حجرته كذلك، ولكن دون أن يغير ملابسه؛ لأنه لم يكن كصاحبيه يملك بدلة خاصة ليوم الخميس، وكان يرقب الطريق من نافذته، فرأى مأمون رضوان وهو يغادر الدار في مشيته العسكرية، ولاحظ إيماءة الهوى بشرفة الدار الصغيرة القديمة، ثم رأى العاشقين الشابين يوافي أحدهما الآخر إلى شارع رشاد باشا، وشيع كل واحد منهم جميعا ب «طظ» مفعمة سخرية وحقدا؛ فسخريته تضمر دائما حقدا. وكان ينتظر ميعاده، إلا أنه يؤثر الظلمة ويحب الستر، فخلت الدار تقريبا إلا منه. كان محجوب عبد الدائم كمأمون رضوان طولا ونحافة، إلا أنه شاحب مفلفل الشعر، يميز وجهه جحوظ عينيه العسليتين وصعود شعيرات حاجبيه إلى أعلى، هذا إلى نظرة قلقة متقلبة يوحي بريقها بالتحدي والسخرية، ولم يكن به كصاحبيه - جمالا، ولكن لم يكن بقسماته كذلك قبح منفر. ولا يخطئ الناظر إليه ما يدل عليه منظره من التحدي؛ فما ينفك في خوف من أن يقذفه بنكتة أو دعابة أو ملاحظة لاذعة. وكان يرى حياته مليئة بالمشكلات، ويضع على رأسها جميعا مشكلته الجنسية، ويصفها بأنها مشكلة عسيرة الحل كالقضية المصرية سواء بسواء! وقد رأى إحسان شحاتة، وطالما أثارت بركان شهوته، رآها - كما يرى أي امرأة أخرى - صدرا وعجزا وساقين، وكانت إحدى مفاتنها هذه كافية لإطلاق شرارة كهربائية في صدره، ولكن الفتاة - على حد قوله - أحسنت الاختيار، وآثرت الفتى الأشقر ذا العينين الخضراوين، ولبثت حياته مقفرة موحشة؛ فقلبه في ظلام، وعقله في ثورة دائمة. كان صاحب فلسفة استعارها من عقول مختلفة كما شاء هواه، وفلسفته الحرية كما يفهمها هو، وطظ أصدق شعار لها، هي التحرر من كل شيء، من القيم والمثل والعقائد والمبادئ، من التراث الاجتماعي عامة! وهو القائل لنفسه ساخرا: «إن أسرتي لن تورثني شيئا أسعد به؛ فلا يجوز أن أرث عنها ما أشقى به!» وكان يقول أيضا: إن أصدق معادلة في الدنيا هي: الدين + العلم + الفلسفة + الأخلاق = طظ. وكان يفسر الفلسفات بمنطق ساخر يتسق مع هواه؛ فهو يعجب بقول ديكارت: «أنا أفكر فأنا موجود.» ويتفق معه على أن النفس أساس الوجود، ثم يقول بعد ذلك إن نفسه أهم ما في الوجود! وسعادتها هي كل ما يعنيه. ويعجب كذلك بما يقوله الاجتماعيون من أن المجتمع خالق القيم الأخلاقية والدينية جميعا؛ ولذلك يرى من الجهالة والحمق أن يقف مبدأ أو قيمة حجر عثرة في سبيل نفسه وسعادتها! وإذا كان العلم هو الذي هيأ له التحرر من الأوهام، فليس يعني هذا أن يؤمن به أو أن يهبه حياته، ولكن حسبه أن يستغله وأن يفيد منه؛ فلم تكن سخريته من رجال العلم دون سخريته من رجال الدين، وإنما غايته في دنياه اللذة والقوة، بأيسر السبل والوسائل، ودون مراعاة لخلق أو دين أو فضيلة. لقد استعار هذه الفلسفة بإرشاد هواه، ولكن تهيؤه لها نما معه منذ أمد بعيد؛ فهو مدين بنشأته للشارع والفطرة. كان والداه طيبين جاهلين، ولظروفهما الخاصة أتم تكوينه في طرق بلدة القناطر، وكان لداته صبية شطارا ينطلقون على فطرتهم بلا وازع ولا تهذيب، فسب وقذف، واعتدى واعتدي عليه، وتردى إلى الهاوية. ولما انتقل إلى جو جديد - المدرسة - أخذ يدرك أنه كان يحيا حياة قذرة، وعانت نفسه مرارة العار والخوف والقلق والتمرد، ثم وجد نفسه في بيئة جديدة، طالبا من طلاب العلم بالجامعة، ورأى حوله شبانا مهذبين يطمحون إلى الآمال البعيدة والمثل العالية، ولكنه عثر كذلك على نزعات غريبة وآراء لم تدر له بخلد. عثر على موضة الإلحاد والتفسيرات التي يبشر بها علماء النفس والاجتماع والأخلاق والظاهرات الاجتماعية الأخرى، وسر بها سرورا شيطانيا، وجمع من نخالتها فلسفة خاصة اطمأن بها قلبه الذي نهكه الشعور بالضعة. لقد كان وغدا ساقطا مضمحلا، فصار في غمضة عين فيلسوفا! المجتمع ساحر قديم، جعل من أشياء فضائل، وجعل من أشياء رذائل، وقد وقف على سره وبرع في سحره، وسيجعل من الفضائل رذائل، ومن الرذائل فضائل! وفرك يديه سرورا، وذكر ماضيه أطيب الذكر، ورمق مستقبله بعين الاستبشار، وألقى عن عاتقه شعور الضعة. بيد أنه أدرك منذ اللحظة الأولى أن فلسفته سرية، يجوز أن يدعو مأمون رضوان إلى الإسلام جهارا، ويجوز أن يعلن علي طه اعتناقه لحرية الفكر والاشتراكية، أما فلسفته فينبغي أن تظل سرية - لا احتراما للرأي العام؛ فإن من مبادئها احتقار كل شيء - ولكن لأنها لا تؤتي أكلها إلا إذا كفر الناس بها، وآمن بها وحده! ألا ترى أنه إذا آمن الناس جميعا بالرذيلة لم يتميز بينهم بما يتيح له التفوق عليهم؟ لذلك احتفظ بها لنفسه، ولم يعلن منها ما هو في حكم الموضة كالإلحاد وحرية الفكر، إلا إذا ضاق صدره أو غلبه شعور الوحشة، فإنه ينفس عن قلبه بالمزاح والسخرية، فبدا للقوم ماجنا لا شيطانا مجرما، ومضى في سبيله فقيرا بلا خلق يرصد الفرص، ويتوثب للانقضاض عليها بجرأة لا تعرف الحدود. •••
لبث في حجرته ينتظر الظلام، فلقلبه أيضا مغامرات، ولكن حبه كفلسفته لا يحيا في النور، وما فتاته في الواقع إلا جامعة أعقاب سجائر. ولشد ما أغضبه حظه في الحب، ولكن ما الحيلة ونقوده لا تكاد تفي بضرورات الحياة؟ وكثيرا ما يهزأ بنفسه فيقول: «لست خيرا منها؛ فهي جامعة أعقاب سجائر، وأنا جامع أعقاب فلسفة، ثم إني في نظر المجتمع شر منها!» وقد رمت بها المصادفات بين يديه، فلم يدع الفرصة تفلت، وقال متعزيا: من تواضع لله رفعه. رآها ذات مساء - وكان يتمشى في طريق العزبة المقفر - وراء شجرة تين مع أحد بوابي شارع رشاد باشا، فتربص بها حتى رآها تسير بمفردها بعد أن عاد النوبي إلى الشارع الآخر، واقترب منها بجرأته، ولمس منكبها وهو يقول مبتسما: رأيت كل شيء.
Bog aan la aqoon