Waqti Hore iyo Waqti Dambe

Kurd Cali d. 1372 AH
117

Waqti Hore iyo Waqti Dambe

القديم والحديث

Noocyada

1

ويتسامحون مع من يغني مع جماعة من أصحابه، وكانوا يعدونه فنا يفقر صاحبه، ولكن الغرب على العكس من ذلك، يفاخر بهذا الفن أعظم عظيم، ولا يستنكف أن يأخذ نفسه بأدبه، ويرزق عشرات الألوف منه، فإذا مات مات عن ثروة طائلة، وخلف لأهله مجدا وغنى.

ولو لم نر من نهضة الموسيقى آخرا وتشريف قدرها في مصر اليوم لسجلنا بأن هذه الأمة العربية جمعاء منحطة، وأي انحطاط عن أمم الحضارة الحاضرة، ولقلنا: إنها أمة مات شعورها في كل معنى، وهي والأمم المتوحشة سواء في أوضاعها وعاداتها وأسباب هنائها وراحتها.

الاستقلال والاتكال1

يطالع المستفيد مئات من كتب الفلسفة والأدب وعلوم العمران، فلا يعتم أن يستقل منها ما يأخذ مأخذه من العقول، ويحدث أثرا في النفوس، ولا عجب، فقد تنصرف وجهة الألوف إلى خدمة العلم وبث الملكات الصحيحة، فإذا فوضل بينهم ووضعت أعمالهم في ميزان النصفة وعلى محك الاستبصار يكثر الشائل ويقل الراجح، والمؤثرون في الأفكار في كل الأعصار والأمصار أندر من الغراب الأعصم والكبريت الأحمر، على أن كل من بذر بذورا طيبة لا ينفك مثلوجا فؤاده مهما تأخر نباتها وإيتاؤها، لعلمه بأنها ستؤتي أكلها عاجلا أو آجلا إذ لاءمتها طبيعة المنبت، وأحسنت تعهدها أيدي القائمين عليها.

وقد وقع شيء من هذا - إن صح حدسي - للكتاب الذي ألفه المسيو أدمون ديمولان الفرنساوي، وعربه أحمد فتحي بك زغلول المصري المسمى «سر تقدم الإنكليز السكسونيين»، فإنه أثر في الفرنسيس أثرا حسنا، وسرى قول مؤلفه في بلاد الإفرنج منذ نحو خمس سنين، فترجم إلى لغاتهم، وتناولته ألسن الناقدين والمسلمين، وعاد بعض المنشئين يرون رأي صاحبه، وينطقون بلسانه، ويكتبون بقلمه، ودل كثير من أهل العلم على مواقع الفساد من تربيتهم، ونقص الاستعداد من عاداتهم، وأشاروا إلى تخلفهم في حلبة تنازع البقاء عن جيرانهم الألمان والإنكليز والأميركان تخلفا يخشى معه أن يبتلعهم الجنس السكسوني، فيكون مستقبل العالم له دون سواه.

هكذا يقولون، وغير منكر أن الفرنسيس نفعوا الإنسانية نفعا لا تنكره، وكفاهم مفاداتهم بأبنائهم مرارا تخفيفا من سلطة الملوك ورفعا لغشاوة جهالة ظلت مسدولة على أوروبا قرونا، جعلتها وراء شعوب الأرض، فخلعت ربقة الاستعباد، وقررت حقوق الإنسان وقواعد الحرية والإخاء والمساواة، ونشرت المعارف في الأطراف حتى ابتذلت، واشترك في الأخذ من بحرها المحيط عامة الطبقات، فأصبح الحراث الفرنساوي يقرأ ويكتب، ويفهم أكثر من بعض من ندعوهم بالمنورين في بلادنا، وما يأخذه الآن بعض علماء الفرنسيس على أمتهم إن هو إلا من باب الاستزادة من الفضيلة، والدعوة إلى الكمال والسبق في ميدان التغلب والسيادة، نعم، إنه ليستنشق من غال المكتوب رائحة الغرض، ويعترض على بعضهم مبالغتهم في وصف أعراض الضعف، حتى أوشكت الفائدة أن تضيع، وينسب كل ما يخطونه إلى التشيع والتحزب، ويؤيد ذلك أن ما يكتب صادر من بلاد تأصل فيها الانشقاق الداخلي، وراجت بضاعة الأحزاب، وساد فيها تباين الآراء، فلا يكتب الملكي أو الكهنوتي إلا ويرمي ببصره إلى القديم يمجده، والتليد يبكيه وينشده، ولا يجهر الجمهوري إلا ويفاخر بما تم على يديه من ارتقاء ونماء، ولا ينبري الفوضوي أو العدمي أو الاشتراكي إلا ويستدعي الأمثلة، ويستجيش البراهين إعلانا بدعوته واستتماما لرغبته، ولكن فرنسا ما زالت بفضل أساسها القديم أم المدنية وربيبة الحضارة، وإن تقهقرت في سياستها وأخلاقها، فلمرتبتها الميزة على سائر الشعوب الأوروبية خلا السكسونيين، ولكن صحة الوطنية التي عرف بها مساعير أبطالها ومشاهير رجالها جعلتهم اليوم يفرطون في النصح والقدح. (1) استقلالهم

وبعد، فإن الأمم من حيث كيانها قسمان: استقلالية واتكالية، فالأمة الاستقلالية هي التي طبعت على حب الانفراد، يعتمد كل فرد منها على نفسه لا على حكومة ولا جمعية ولا حزب ولا عشيرة ولا أسرة:

وإنما رجل الدنيا وواحدها

من لا يعول في الدنيا على رجل

Bog aan la aqoon