يحتمل اختلافهم بعد الاستفسار فيسقط قولهم عن الاعتبار فيحكم باليمين من دون اطمئنان، فإن الاختلاف لا يوجب الظن بالكذب فضلا عن الاطمئنان به، ومع ذلك يكون فيه تزكية إبطال لسبب الحكم للمدعي حتى لو قلنا بأن محل الاستفسار قبل تزكية الشهود كما صرح به في المسالك (1).
لكنه لا يخلو عرفا من تعريض حق المدعي للسقوط، ومن صدق أن القاضي يريد عدم ثبوت [الدعوى] (2) لأجل مداقته في الشهود، ولذا استحب التفريق في شهود حدود الله المبنية على الستر والتخفيف مطلقا ولو مع عدم الريبة.
نعم، لو علم أن بالتفريق يحصل انكشاف الواقع على وجه العلم أو الاطمئنان المعتبر الذي لا يفيده قول الشهود قبل الاستفسار جاز، كما فعل أمير المؤمنين عليه السلام في الرجل الذي قتله رفقته في السفر وأخذوا ماله، فاستعدى ولده عليهم إلى شريح ثم إلى أمير المؤمنين عليه السلام ففرقهم واستعمل عليه السلام بعض الحيل حتى رجع بعض الشهود بظن رجوع بعض آخر، واعترف بقتل الرجل وأخذ ماله (3)، وكذا فعل داود (4) ودانيال على نبينا وآله وعليهما السلام (5)، مع أنها أفعال في قضايا شخصية لا يقاس عليها فلعلهم علموا بالقضية وأرادوا بما فعلوا التوصل إلى إثباتها بالطرق الظاهرية.
Bogga 89