فِي عَقْرِ الشَّجَرِ وَالْقَضَاءِ فِيهِ
وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ أَنَّهُ سَأَلَ رَبِيعَةَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ وَالشَّجَرِ؛ قَالَ رَبِيعَةُ: يُنْظَرُ ثَمَنُ الأَرْضِ إِذَا كَانَتْ قَبْلَ أَنْ يُصَابَ شَجَرُهَا بِمَا فِيهَا أَوْ مَا دَخَلَ عَلَيْهَا مِنَ الْمُصِيبَةِ، بِمَا قَطَعَ مِنْهَا بِأَرْفَعِ الْقِيمَةِ وَأَشْحَطِهَا، فَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَيْهِ؛ وَذَلِكَ لأَنَّ الَّذِي أَصَابَ مِنَ الأَرْضِ لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنُهَا قَبْلَ مَا أَصَابَ مِنْهَا عِشْرِينَ أَلْفًا، فَلَمَّا أَصَابَ مِنْهَا مَا أَصَابَ رَجَعَ ثَمَنُهَا إِلَى أَرْبَعَةِ آلافٍ أَوْ خَمْسَةٍ، يُغَرَّمُ مَا بَيْنَ ذَلِكَ عَلَى أَشْحَطِ مَا تَكُونُ قِيمَتُهَا وَأَغْلاهَا مَعَ الْعُقُوبَةِ الَّتِي يَنْبَغِي لِلإِمَامِ يبلغها مِمَّنْ عَمِلَ ذَلِكَ.
- وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِيمَا نَذْكُرُ مِمَّا يَكُونُ فِيهِ تَضْعِيفُ الْغُرْمِ؛ قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ إِلا قِيمَةُ مَا أَفْسَدَ.
- قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ أَفْسَدَ ثَمَرَةً قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلاحُهَا، فَإِنَّهُ يُغَرَّمُ قِيمَتَهَا يَوْمَ أَصَابَهَا وَهُوَ ثَمَنُهَا لَوْ بِيعَ يَوْمَئِذٍ عَلَى قَدْرِ الرَّجَاءِ فِيهِ وَالْخَوْفِ لِمُصِيبَتِهِ.
قَالَ: وَمِنْ غَيْرِ ذَلِكَ مَا يَكُونُ فِي الْجَنِينِ يُطْرَحُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ مِنَ الْحَرَائِرِ وَالإِمَاءِ وَالْبَهَائِمِ.
- وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ أَخَذَ وَدِيَّةً مِنْ نَخْلِ رَجُلٍ فَأَحْيَاهُ فِي أَرْضِهِ أَوِ ابْتَاعَهُ مِنْ رَجُلٍ سَرَقَهُ؛ قَالَ رَبِيعَةُ: لَيْسَ ذَلِكَ سَوَاءً، إِنْ كَانَ الَّذِي أَخَذَ الْوَدِيَّ عَدَا، عَدَا بِهِ عَلَى غَيْرِ ذِي وَدٍّ أَوْ مَنْزِلِهِ، عُوقِبَ الْعُقُوبَةَ الشَّدِيدَةَ، ثُمَّ خُيِّرَ صَاحِبُ الْوَدِيِّ مِنْ شَحْطِ الثَّمَنِ يَوْمَ أُخِذَ الْوَدِيُّ مِنْ أَرْضِهِ، أَوْ وَدِيًّا مِثْلَ وَدِيِّهِ إِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ أَغْلَى مَا يَكُونُ الْبُيُوعُ فِي مِثْلِهِ بِهِ.
وَإِنْ كَانَ أَخَذَ مِنْ ذِي وَدٍّ وَدِيًّا لَهُ يَتَسَلَّطُ مِثْلُهُ إِلَى مِثْلِ ذَلِكَ مِنْ مَالِ صَاحِبِهِ لِقُرْبِهِ مِنْهُ وَحَاجَتِهِ وَلِبُعْدِ صَاحِبِهِ مِنْهُ وَلِحُسْنِ ظَنِّهِ بِهِ، أُقِيمَ قِيمَتَهُ يَوْمَ انْتَزَعَهُ، فَيُدْفَعُ إِلَى صَاحِبِهِ.
وَإِنْ كَانَ الَّذِي غر بين سَرَقَهُ ابْتَاعَهُ أَخَذَ مِنْهُ قِيمَةَ الْعَدْلِ إِذَا اسْتَحَقَّ ذَلِكَ فِي أَرْضِهِ.
وَلا يَصْلُحُ أَنْ يَرُدَّ وَدِيَّ رَجُلٍ مُسْلِمٍ قَدِ اسْتَحْيَاهُ فِي أَرْضِهِ، فَيَنْزِلُ بِمَنْزِلَةِ الْفَسَادِ، وَذَلِكَ يُعْطَى عِوَضُهُ، بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ يَغْدُو السُّوقَ فَيَشْتَرِي خَشَبَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ لِلْجَوَائِزِ، فَوَصَدَ بِهِمَا بَيْتَهُ أَوْ حَمَلَ عَلَيْهِمَا بُنْيَانًا مِنْ فَوْقِهِ، فَعَرَفَ الرَّجُلُ الْخَشَبَ فِي بُنْيَانِ الرَّجُلِ، فَإِنْ أَعْطَى خَشَبَهُ أَخْرَبَ لِذَلِكَ مَا عَلَيْهِ قِيمَتُهُ أَرْبَعُ مِائَةِ دِينَارٍ؛ وَإِنَّمَا ثَمَنُ خَشَبِهِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ، وَإِنْ أَعْطَى بِقِيمَةِ الْعَدْلِ ثَمَنَ خَشَبِهِ، وَلَمْ تَأْتِ الْمَظْلَمَةُ مِنْ قِبَلِهِ، فَقَدْ أَدَّى إِلَيْهِ حَقَّهُ، وَعَوَّضَ مَا أُخِذَ مِنْهُ.
1 / 70