وجدته غير ظاهر فيما نسبوا إليه أصلا بل ظاهرا في خلافه فإن الظاهر من كلامه انه لا يجب البحث عن العدالة التي هي غير الاسلام وعدم ظهور الفسق عند احراز الاسلام وعدم ظهور الفسق من حيث كونهما طريقين إليها ومن العجب من بعض الشيوخ المتأخرين حيث ادعى على ما هو ببالي صراحة كلام الشيخ في الخلاف في كون العدالة عنده عبارة عن نفس ظهور الاسلام وعدم ظهور الفسق ومنها ما حكي عن ابن الجنيد من أن كل المسلمين على العدالة حتى يظهر خلافها ولا يخفى ظهورها أيضا في كون الاسلام طريقا إلى العدالة لا نفسها إلى غير ذلك من كلماتهم التي يقف عليها المتتبع فيها فتتبع هذا مضافا إلى ظهور الاخبار التي ركن إليها هؤلاء فيما ذكرنا كما سيجئ الإشارة إليه فكيف يمكن أن ينسب إليهم القول بخلافها.
والحاصل ان من المعلوم لكل منصف متتبع ان العدالة عند هؤلاء ليست نفس ما نسب إليهم من الاسلام وعدم ظهور الفسق وحسن الظاهر وإنما هما طريقان عندهم إليها ولذا ذكر جماعة من الأصحاب كالشهيد في الذكرى والدروس والمحقق الثاني في الجعفرية وغيرهما هذين القولين في عنوان ما تثبت به العدالة فإن أبيت إلا عن ظهور كلماتهم في كونها نفس العدالة فلا بد أن يحمل كلماتهم عى أنهما مما يكتفى شرعا بهما في احكام العدالة بحيث لا يسئل بعد عن باطن الامر فهما عندهم معنيان للعدالة التي اكتفى بها الشارع في مسألة الشهادة وغيرها ولم يأمر فعلا بتحصيل غيرهما (ها خ) فتأمل.
ثم إنك إذا عرفت عدم كون العدالة عند الشيخ ومن يحذو حذوه نفس الاسلام وعدم ظهور الفسق بل إنما هما طريقان عندهم إليها ولا عند من عبر بحسن الظاهر كونه نفسها بل هو طريق إليها فيقع الكلام في تعيين ما هما طريقان إليه عندهم.
فنقول أما عند الشيخ ومن عبر بتعبيره فيتعين أن يكون أحد أشياء ثلاثة أحدها الاسلام مع عدم - الفسق واقعا لكن الطريق إلى احراز عدم الفسق بحسب الواقع ظهور عدمه ثانيا نفس عدم الفسق واقعا لكن الطريق إليه ظهور عدمه فيكون الاسلام حينئذ مقسما وموردا للعدالة والفسق لا أن يكون له دخل فيها فالكافر بهذا البيان لا يكون عادلا ولا فاسقا بخلاف الاحتمال الأول فحال الاسلام حينئذ كحال البلوغ والعقل وغيرهما من الشرائط التي يذكرونها في العدالة فإن الصبي لا يسمى فاسقا ولا عادلا وكذا المجنون وهذا هو القول الثاني في العدالة الذي ذكرنا أنه يظهر من جماعة ثالثها الملكة مع عدم الفسق واقعا التي يعبر عنها بالملكة الرادعة لكن الطريق إلى احراز نفس الملكة الاسلام كما هو طريق إلى صحة أفعال المسلم فتأمل فإن الظاهر من حال المسلم بل كان من تدين بدين انه لا يتجاوز عن هذا الدين وإلى احراز وصفها ظهور عدم الفسق فهذان طريقان ظاهريان لاحراز أمرين واقعيين وهذا هو الذي يتعين القول بكونه المراد لهم لأن الظاهر من عبارة الشيخ المحكية في الخلاف و غيره من أن الأصل في الاسلام العدالة كونه طريقا لا موضوعا وإلى الملكة لا إلى عدم الفسق واقعا وإلا لما احتاج إلى انضمام عدم ظهور الفسق نعم لو كانت العبارة الأصل في المسلم العدالة كما هو المحكي في بعض النسخ لاحتمل أن يكون المسلم موردا للأصل وكان الطريق إلى العدالة بالاحتمال الثاني هو عدم ظهور الفسق لكنه أيضا خلاف الظاهر على هذا الفرض فتبين من جميع ما ذكرنا أن العدالة عند الشيخ ومن عبر بتعبيره كابن الجنيد هي الملكة مع عدم الفسق واقعا التي يعبر عنها بالملكة الرادعة أو الكافة.
وأما عند من عبر بحسن الظاهر فيتعين أن يكون أحد شيئين أحدهما الملكة الرادعة فيكون حسن - الظاهر طريقا إليها حسبما هو قضية ظاهر كلماتهم ثانيهما عدم الفسق واقعا فيكون الطريق إليه حسن الظاهر
Bogga 63