في زماننا أي الفقيه الجامع للشرائط بل المقصود الأصلي من التكلم فيها هو وضوح الحال من جهتها في المسألة الآتية.
وكيف كان فلنرجع إلى ما كنا بصدد بيانه فنقول أما المقام الأول وهو انعزال النائب الخاص وعدمه والمراد به هو الذي نصبه الإمام (عليه السلام) بعنوان الخصوص فالخاص صفة للنائب لا للمنوب عنه كما توهم فالحق فيه الانعزال لا لما ذكره بعض من أنه ليس لامام كل عصر إلا التصرف في عصره والتسلط عليه وليس له أن يتصرف في عصر الإمام الثاني لقيام ضرورة مذهبنا على تسلط إمام كل عصر على عصره وما بعده إلى يوم القيامة حتى أنه لو قال لاحد مثلا أنت وذريتك وأولادك قاض إلى يوم القيامة لا إشكال في عدم انعزالهم بموته لأنه معصوم من الخطأ لا ينطق عن الهوى بل هو وحي يوحى ولهذا لا اختصاص لهذا الذي ذكرنا بأئمتنا (عليهم السلام) بل يجري في كل معصوم من الآدم إلى الخاتم فلو فرضنا ان آدم على نبينا وآله وعليه السلام تصرف تصرفا كان مقتضاه الدوام والاستمرار بعد عصره لنحكم بدوامه و عدم رفعه بموته وهذا مما لا إشكال فيه ولا شبهة تعتريه ولا لما ذكره آخر من الشك في مقدار استعداد مصلحة المقتضية لنصب القاضي فيرجع إلى أصالة عدم جواز التصرف بعد اختيار عدم جريان الاستصحاب في المقام بل لوجهين أحدهما ان جواز تصرف النائب والقاضي إنما جاء من قبل الاذن من الإمام (عليه السلام) من حيث كونه كاشفا عن معنى قائم بنفسه ضرورة ارتفاع الاذن بارتفاع اللفظ الدال عليه وإنما المناط هو المعنى الكاشف عنه الاذن فبقاء جواز تصرفه منوط ببقاء هذا المعنى فإذا مات فقد ارتفع فيرتفع ما كان منوطا به وهذا نظير ما ذكروه في مسألة الأوامر ان الداعي على إلزام العقل المكلف على الامتثال هو المعنى المنكشف بالأمر القائم بنفس الامر وهو الطلب النفساني و لهذا يستصحب فيما لو شك في بقائه لا الطلب الحاصل من اللفظ فإنه تابع للفظ فينعدم بانعدامه والحاصل ان الامر فيما نحن فيه نظر توكيل الإمام (عليه السلام) بل سائر عقوده الاذنية كالعارية والوديعة ونحوهما فإنه لا إشكال في بطلانها بموت الإمام (عليه السلام).
فإن قلت سلمنا كون بقاء جواز تصرف النائب منوطا ببقاء الاذن وليس الشرط حدوثه فقط بل لبقائه أيضا مدخلية لكن نقول إن ذهاب المعنى الكاشف عنه الاذن القائم بنفس الإمام (عليه السلام) أول الكلام من حيث كون ارتفاعه موقوفا على ارتفاع محله ونحن نمنع ارتفاع محله في خصوص الإمام (عليه السلام).
قلت بعد تسليمك كون المناط في بقاء النيابة هو بقاء الاذن لا يمكنك القول ببقائه مع موت الإمام (عليه السلام) لان القول ببقائه من حيث بقاء نفس الامام وعدم ارتفاعها كلام شعري أترى أحدا فصل في مسألة الوكالة في انعزال الوكيل بموت الموكل من حيث ارتفاع الاذن أو في غيرها من العقود الإذنية بين ما كان الموكل الامام وغيره والقول بخروج الوكالة ونحوها بالاجماع مما يضحك منه الثكلى فليس الوجه فيه إلا ارتفاع الاذن بموت الإمام (عليه السلام).
فإن قلت سلمنا كون الامر فيما نحن فيه نظير مسألة الوكالة وأشباهها إلا أنا نقول إنه من يقول (إلا أن القول خ) بأن مسألة الوكالة بقائها موقوف على بقاء المعنى الكاشف عنه الاذن (ممنوع خ) كيف وهم ذكروا أنه لا ينعزل الوكيل بعزل الموكل من دون اعلام مع القطع بارتفاع المعنى القائم بنفسه بالعزل فيكشف هذا عن كون المعتبر في أمثال المقام هو حدوث الاذن في الجملة واما بقائه فليس بشرط في بقائها.
قلت لولا النص والاجماع على عدم انعزال الوكيل بالعزل من غير اعلام لقلنا به من دون اشكال وإنما لم نقل به من جهة دلالة النص والاجماع وإلا فمقتضى القاعدة هو انعزاله بمجرد العزل وإن لم يعلمه ولهذا نقول به في صورة الاعلام فالحاصل انه قد ثبت في مسألة الوكالة حكم على خلاف القواعد بالنص والاجماع وهذا لا يضرنا في شئ ولا ينفعك في شئ ولأجل كون ما ثبت في مسألة الوكالة على خلاف القاعدة لا نقول بمثله في المقام بل
Bogga 47