على غير معناه الظاهر لما قد ذكر من الوجه فيكون الرواية حينئذ من الأدلة على حجية خبر العادل بضميمة ما دل على عدم الاعتناء بقول الفاسق وإن كان مؤمنا حسبما ذكرنا تفصيل القول فيه في الأصول وأين هذا من الدلالة على ما رامه المستدل من اعتبار الاستفاضة وإلى ما ذكرنا أخيرا نظر العلامة المجلسي رحمه الله حيث ذكر الرواية في المجلد الأول من البحار في عداد ما يستفاد منه القاعدة العامة لما يستفاد منه عموم حجية قول العادل فتأمل حتى لا يختلط عليك الامر.
سادسها مرسلة يونس عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سئلته عن البينة إذا أقيمت على الحق أيحل للقاضي أن يقضي بقول البينة من غير مسألة إذا لم يعرفهم قال فقال خمسة أشياء يجب على الناس الاخذ فيها بظاهر الحكم الولايات والمناكح والذبايح والشهادات والمواريث فإذا كان ظاهره ظاهرا مأمونا جازت شهادته ولا يسئل عن باطنه الخبر وفي الفقيه الأنساب مكان المواريث كما أن في المحكي عن بعض نسخ التهذيب الحال بدل الحكم بل هو المحكي عما روى في الوافي والوسائل أيضا.
وجه الدلالة ان المراد بالحكم في المقام هو نسبة المحمول إلى الموضوع والمراد بظهوره وضوحه عند الناس من غير اشكال فيه بمعنى نسبتهم المحمول إلى الموضوع جازمين بها من غير ترديد فيها كما يقال إن زيدا ابن عمرو ودار زيد وقف فتدل الرواية بذلك البيان على أن تلك الأمور الخمسة إذا وصلت بتلك المثابة بالاستفاضة بين الناس يجب الاخذ بها والحكم بثبوتها وترتيب الأثر عليها ومن جملة تلك الخمسة الولايات فإذا استفاضت ولاية شخص وكونه منصوبا من جانب الإمام (عليه السلام) بحيث يقول الناس في حقه انه ولي الإمام (عليه السلام) ومنصوبه وجب الحاكم بكونه منصوبا من غير تفتيش عن باطن الامر فتدل الرواية على أن الاستفاضة طريق شرعي لاحراز تلك الأمور مثل البينة العادلة وهذا (وهذه خ) غاية ما يمكن أن يقرر به وجه الدلالة.
وفيه أن المراد بظاهر الحكم في المقام ليس هو واضحه في مقابل خفيه حتى تدل على المراد بل المراد بظاهر الحكم في المقام في مقابل الباطن أي الواقع فيصير معنى الرواية انه خمسة أشياء يجب الاخذ فيها بالظهور النوعي وعدم تفتيش الواقع فيها فالرواية بهذا البيان دليل على اعتبار الظهور في تلك الأمور ولا دخل لهذا المعنى بالاستفاضة أصلا ومما يدل على كون المراد من الرواية ما ذكرنا هو تفريع الإمام (عليه السلام) في ذيل الرواية على الاخذ في الأمور الخمسة بالظاهر بقوله فإذا كان ظاهره ظاهرا مأمونا فإنه ينادي بأعلى صوت ان المراد من الظهور ما ذكرنا وإلا لم يكن معنى لهذا التفريع أصلا كما لا يخفى بل صدر الرواية أيضا من الشواهد على ما ذكرنا كما لا يخفى فالرواية صدرا وذيلا قرينة على كون المراد من الظاهر فيها هو ما ذكرنا والحاصل ان المتأمل في الرواية يقطع بأن المراد بظاهر الحكم في المقام هو المروي في بعض نسخ الوافي من ظاهر الحال ولا تفاوت بينهما أصلا هذا مضافا إلى أن المعنى المذكور أولا لا يجامع مع قوله والشهادات إلا بتأويل ركيك ارتكبه بعض مشايخنا طاب ثراه لا داعي إليه أصلا وهو كون المراد من الاخذ في الشهادات بظاهر الحكم هو الاخذ به في المشهود عليه فيدل الرواية بذلك البيان على جواز استناد الشاهد في شهادته بالاستفاضة كما هو مذهب جماعة حسبما سيأتي تفصيل القول فيه وهذا كما ترى مخالف لصريح كلام الإمام (عليه السلام) وكان الموجه قدس سره لم يلتفت إلى صدر الرواية وذيلها أصلا وإلا لم يتفوه بهذا الكلام قطعا.
فإن قلت ما معنى الاخذ بظاهر الحكم بالمعنى الذي ذكرت في الولايات وهل هو إلا الاخذ فيها بالولاية المستفيضة من حيث عدم تحقق ظهور في الولاية إلا بالاستفاضة وهل هذا إلا ما هو مقصودنا غاية الأمر
Bogga 45