ولو قلنا بشمولها لهما بحسب اللغة لكن المنصرف إليه عرفا هو غيرهما ومما يدل على عدم عموم الرشاء لمطلق الجعل على الحكم ما تقدم في رواية عمار بن مروان من جعل الرشاء في الحكم مقابلا لاجور القضاة خصوصا بملاحظة كلمة إما نعم ينبغي القطع بعدم اختصاصه بما يبذل على خصوص الباطل بل يعم ما يبذل لحصول غرضه وهو الحكم له حقا كان أو باطلا فافهم وتأمل حتى لا يختلط عليك الامر.
ثم إن هنا أمورا ينبغي التنبيه عليها أحدها انه كما يحرم أخذ الرشوة على المرتشي كذلك يحرم اعطائها على الراشي أيضا سواء حكم له أو عليه لكونه إعانة على الاثم والعدوان والظلم والطغيان مضافا إلى دلالة بعض الأخبار المتقدمة عليه أيضا معتضدا بعدم الخلاف في المسألة نعم لا بد من استثناء ما يتوقف تحصيل الحق عليه حسبما صرح به جماعة من الاعلام فإنه يجوز للراشي اعطائها حينئذ وإن حرم على المرتشي أخذها ويدل عليه مضافا إلى الاجماع الظاهر المصرح به في كلام بعض الأفاضل عموم ما دل على نفي الحرج والضرر في الاسلام المعتضد بالشهرة المحققة بل عدم الخلاف في المسألة فما يظهر من بعض المشايخ من عدم جواز اعطاء الرشوة مطلقا ولو فيما توقف تحصيل الحق عليه ضعيف جدا لا يصار إليه ولا يلتفت به.
ثانيها انه كما تحرم الرشوة على الحكم فهل تحرم في غيره أيضا بناء على صدقها كأن يبذل له مالا على أن يصلح أمره عند الأمير أم لا وجهان من اطلاق بعض الروايات ومن انصرافه إلى الرشوة في الحكم والتحقيق أن يقال إنه إن كان أمره منحصرا في المحرم أو مشتركا بينه وبين المحلل لكن بذل على اصلاحه حراما فالظاهر حرمته لا لما ذكر من الاطلاق بل لأنه أكل للمال بالباطل فيكون الحرمة هنا لأجل الفساد فلا يحرم القبض في نفسه وإنما يحرم التصرف لأنه باق على ملك الغير فتأمل هذا وأما بذل المال على وجه الهدية الموجبة لقضاء الحاجة المباحة فلا ضير فيه أصلا كما لا يخفى.
ثالثها انه كلما حكمنا بحرمة اخذ الرشوة وجب على الاخذ ردها ورد بدلها من المثل أو القيمة مع التلف لأنها حقيقة جعل على الباطل فلم يقصد بها المجانية نعم لو لم يقصد بها المقابلة بل أعطى مجانا ليكون داعيا على الحكم فالظاهر عدم ضمانه بعد التلف لان مرجعها إلى هبة مجانية فاسدة إذا لداعي لا يعد عوضا وما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده وكونها من السحت إنما يدل على حرمة الاخذ لا على الضمان وعموم على اليد مختص بغير اليد المتفرعة (المتصرفة خ) على التسليط المجاني ولذا لا يضمن بالهبة الفاسدة في غير هذا المقام هذا وفي كلام بعض مشايخنا نور الله مرقده ان احتمال عدم الضمان في الرشوة مطلقا غير بعد معللا بتسليط المالك عليها مجانا ولأنها تشبه المعاوضة وما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده ولا يخفى ما بين تعليله من التنافي فافهم وتأمل حتى لا يختلط عليك الامر هذا تمام الكلام في أخذ الرشوة على القضاء.
وأما أخذ الهدية عليه وهي ما يبذله على وجه الهبة ليورث المودة الموجبة للحكم له حقا كان أو باطلا فيكون الفرق بينها وبين الرشوة ان الرشوة تبذل لأجل الحكم والهدية تبذل لايراث الحب المحرك له على الحكم على وفق مطلبه فالظاهر حرمتها لأنها رشوة أو بحكمها بتنقيح المناط مضافا إلى دلالة جملة من الروايات على حرمتها منها رواية اصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال أيما وال احتجب عن حوائج الناس احتجب الله عنه يوم القيامة عن حوائجه وإن أخذ هدية كان غلولا الخبر ومنها ما ورد من أن هدايا العمال غلول كما في بعض أو سحت كما في آخر ومنها ما عن عيون الاخبار عن مولانا أبي الحسن الرضا (ء)؟؟ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في تفسير قوله تعالى أكالون للسحت قال هو الرجل يقضي لأخيه حاجته ثم يقبل هديته إلى
Bogga 39