بعده وهذا نظير ما ذكرنا في قوله أوفوا بالعقود من أن بعدما انعقد العقد لا يعقل حله فإذا كان مقتضى القضاء والحكم فصل الشئ والفراغ منه لا يعقل وصله ومما يؤيد ما ذكرنا من كون عدم النقض من مقتضيات نفس الحكم والقضاء بل يدل عليه تفريع الإمام عليه السلام على الرد لحكمه الاستخفاف بحكم الله والرد عليهم (عليهم السلام) ففيه أقوى دلالة على كون حرمة النقض من مقتضى أصل الحكم هذا ولكن فيه احتمال اخر لا يتم معه الاستشهاد المذكور وهو تفريع الامرين المذكورين على الجعل لا المجعول اي لما كان مجعولا من قبلنا وكان حكمه بامضائنا فعدم قبوله استخفاف بحكم الله ورد علينا أيضا يؤيد ما ذكرنا لكنه مع ذلك كله الأول أظهر.
ثم إن دلالة المقبولة بعدم جواز النقض في الأحكام الكلية اي فيما إذا كان نزاع المتحاكمين راجعا إلى الحكم الشرعي الكلي كثبوت حق الشفعة في أكثر من الشريكين مثلا مما لا اشكال فيه انما الا اشكال في أنها هل تدل على عدم جواز نقض حكم الحاكم في الموضوعات الخارجية كما ثبت بالاجماع بل الضرورة عدم جواز نقض حكمه فيها أيضا أم لا قد يق بدلالتها على ذلك نظرا إلى لفظة في دين فان الظاهر منه كون النزاع فيه راجعا إلى النزاع في الموضوع ولفظة وإن كان حقه ثابتا في صدر الرواية فإنها أيضا ظاهرة في الموضوع الخارجي فتكون المقبولة شاملة للحكم في الأحكام الكلية والموضوعات الخارجية لكن الانصاف ان التأمل في الرواية يعطى عدم شمولها للموضوعات الخارجية واما ظهور الدين فيما ذكر فممنوع بل الظاهر من قوله أو ميراث الفراغ عن أصل وجود الدين وانما النزاع في حكمه ببعض الوجوه ومنه يظهر منع الظهور في الفقرة الأولى أيضا هذا لكن المصلحة الملحوظة في أصل تشريع القضاء وهي رفع الخصومة بين الناس تأتي كالاجماع في المقام أيضا هذا تمام الكلام في المقام الأول وهو جواز حكم المقلد مستقلا عن فتوى مجتهده وعدمه واما المقام الثاني وهو جواز نصب المجتهد له وحكمه بعد نصبه فتقول ان الحق فيه أيضا عدم الجواز.
لنا مضافا إلى الأصل اي أصالة عدم تأثير نصب المجتهد والاجماعات المحكية المعتضدة بالشهرة المحققة بين الأصحاب ما عرفته من دلالة المقبولة على اشتراط الاجتهاد في القاضي ولهم على الجواز عموم أدلة ولاية المجتهد كقوله (صلى الله عليه وآله) علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل وقوله (عليه السلام) العلماء ورثة الأنبياء وقوله صلى الله عليه وآله ثلثا اللهم ارحم خلفائي قيل ومن خلفائك يا رسول الله قال الذين يأتون من بعدي ويروون حديثي وسنتي وقول - الامام عجل الله فرجه في التوقيع الشريف واما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وانا حجة الله وقوله (عليه السلام) مجاري الأمور بيد العلماء إلى غير ذلك من الأخبار الواردة في باب ولاية المجتهد المذكورة في محله فإنها بعمومها تدل على ثبوت كل ما للامام للمجتهد أيضا وفيه أن الاستدلال بالمعلومات لا يتم الا بعد اثبات صغرى وهي قولك ان نصب الإمام عليه السلام للمقلد كان جايز أو كبرى وهي قولك كلما يجوز للامام يجوز للمجتهد وكلتاهما ممنوعتان إما الصغرى فللمنع من جوازه للامام بعد ما عرفت من كون الاجتهاد شرطا مشروطا فبعد اثبات كون اشتراط الاجتهاد في القاضي حكما إلهيا نقول بعدم جواز تغييره للامام نعم لو فعل لكشف عن جوازه وفيما لم يثبت فعله نقول بعدم جوازه فالصغرى غير ثابتة.
فان قلت إن غاية ما تدل عليه المقبولة هو عدم الإذن من الإمام (عليه السلام) الا في حق المجتهد لاعدم جوازه الا في حقه وشتان ما بينهما وبعبارة أخرى ان دلت على كون اشتراط الاجتهاد في القاضي حكما إلهيا لدلت على عدم جواز نصب الإمام للمقلد لما قد تقرر من عدم جواز تغييره لاحكام الله لكن المقبولة لا تدل على ذلك بل انما دلت
Bogga 12