قاعدة
تتضمّن ذكر مَلاَبِس النَّبِيّ ﷺ وَسِلاَحه ودَوَابّه
القَرْمَانِيَّة
جَوَابُ فُتيَا فِي لِبْس النَّبي ﷺ
تأليف
شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية
المتوفى سنة ٧٢٨ هـ رحمه الله تعالى
تحقيق وتعليق
أبي محمد أشرف بن عبد المقصود
أضواء السلف
1 / 3
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة التحقيق
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل الله ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد: فهذا سفر جديد ومؤلف نفيس ينشر لأول مرة، للعلامة القرآني والمجاهد الرباني، شيخ الإسلام والمسلمين أبي العباس أحمد بن تيمية ﵀، نقدمه للمسلمين في وقت قل فيه الاهتداء بهديه ﷺ والتخلق بأخلاقه والاقتباس من نوره، ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: ٢١] .
فما أحوجنا في هذه الأيام إلى معرفة سيرته ﷺ العطرة في جميع شئون الحياة من طعام وشراب ولباس وغير ذلك مما يهم المسلم.
والحديث عن رسول الله ﷺ من أمتع الأحاديث لا سيما إن كان من عارف بخبايا السنة النبوية كابن تيمية.
والذي يقرأ هذه الفتيا الجميلة يستطيع القول بأن شيخ الإسلام ابن
1 / 5
تيمية لو أتيح له أن يصنف كتابا في سيرته ﷺ لكان تصنيفا بديعا فريدا من أجمع وأصح ما ألف في السيرة النبوية.
ولعل هذا ما جعل العلامة ابن القيم يلخص جل كلماتها في بداية كتابه العظيم (زاد المعاد) ويزيد عليها، ويسير بعد ذلك على منوال الطريقة التي انتهجها شيخه في الكلام على سيرته وهديه ﷺ.
وهذه القاعد اللطيفة في ذكر ملابس النبي ﷺ وسلاحه ودوابه مع وجازتها جمعت الكثير من أصول المسائل الفقهية التي يحتاج إليها في باب اللباس والأطعمة الذي ضاع بين الإفراط والتفريط.
وقد قال النبي ﷺ: "كلوا واشربوا وتصدقوا في غير مخيلة ولا سرف فإن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عباده " (١) .
وأما تحقيق نسبة الكتاب للمؤلف:
فقد كتب في حياة المصنف ﵀؛ فالذي يقرأ صفحة العنوان للمخطوطة يتأكد من ذلك حيث كتب الناسخ ما يلي: "جواب فتيا في لبس النبي ﷺ للشيخ الإمام العالم العامل تقي الدين أبي العباس أحمد ابن تيمية الحراني أمتع الله المسلمين ببقائه".
_________
(١) الحديث بهذا اللفظ: رواه أحمد (٢/١٨٢) والحاكم (٤/١٥٠) من حديث عبد الله بن عمرو بإسناد حسن.
1 / 6
* وقد ذكر هذه القاعدة تلميذه العلامة ابن عبد الهادي ﵀ بعنوان: "قاعد تتضمن ذكر ملابس النبي ﷺ وسلاحه ودوابه وهي القرمانية (١) " (٢) .
وقد جمعت بين هذه التسمية وما جاء بعنوان المخطوط.
* كما أن من يطالعها يجد فيها طريقة ونفس شيخ الإسلام، وكذا تلخيص تلميذه ابن القيم يؤكد لنا ذلك. وقد صرح بنقله لبعض عبارات عند ذكر (المنطقة) فقال: "وقال شيخ الإسلام: لم يبلغنا أن النبي ﷺ شد على وسطه منطقة" (٣) .
وصف النسخة:
فقد اعتمدت على نسخة وحيدة، تقع ضمن (مجموع) يضم عدة مصنفات، وهو مقتنيات (مكتبة شهيد علي) الملحقة بـ (السليمانية) بتركيا وهي تحت رقم (٢٧٤٢) .
_________
(١) العقود الدرية ص (٤٩) .
(٢) ولعل تسميتها بالقرمانية نسبة إلى بلد السائل (قرمان) بفتح أوله ثم السكون، اسم موضع كما قال ابن دردير. راجع (معجم البلدان) (٤/٣٣٠) ومعجم ما استعجم (٣/١٠٦٦) وهذا هو الحال في معظم تسميات مصنفات شيخ الاسلام الأخرى مثل (الواسطية) نسبة لواسط و(الحموية) نسبة لحماه و(التدمرية) نسبة لتدمر، وغير ذلك.
(٣) زاد المعاد (١/١٣١) وراجع: فقرة رقم (١٢٩) .
1 / 7
وتقع هذه النسخة في ١٢ ورقة، من هذا المجموع تمثل الورقات من (٥٣و) إلى (٦٤ظ) وكل صفحة بها ١٥ سطرا. وهي مكتوبة بخط نسخ جميل ومشكول، وقليلة الأخطاء وبآخرها ما يفيد أنها قوبلت، ولا يعرف ناسخها.
وأما عملنا في التحقيق:
* فقد اتخذت هذه النسخة أصلا.
* كما قمت بضبط فقرات الكتاب كلها، ونسقت عباراتها ورقمت فقراتها برقم مسلسل ووضعت لها عناوين جانبية.
* كما قمت بعزو الآيات ووضع العزو بجوار الآيات، وخرجت الأحاديث والآثار وبينت مرتبتها من حيث القبول والرد.
* كما وضعت بعض التعليقات المهمة وأكثرها من كلام شيخ الإسلام من كتبه الأخرى، وبعض المصادر من كتب الفقه.
* كما صنعت له فهارس للآيات والأحاديث والآثار والموضوعات.
والله تعالى أسأل أن يجعل عملي هذا خالصا لوجهه، وأن يرزقنا الهدى والتقى والعفاف والغنى إنه سميع مجيب.
الإسماعيلية في ١١محرم ١٤٢٢هـ
أبو محمد أشرف بن عبد المقصود
غفر الله له
1 / 8
قاعدة
تتضمن ذكر مَلاَبِس النَّبِيّ ﷺ وَسِلاَحه ودَوَابّه
القَرْمَانِيَّة
جَوَابُ فُتيَا فِي لِبْس النَّبي ﷺ
تأليف
شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية
المتوفى سنة ٧٢٨ هـ رحمه الله تعالى
تحقيق وتعليق
أبي محمد أشرف بن عبد المقصود
1 / 14
بسم الله الرحمن الرحيم
رب يسر يا كريم
نص الأسئلة المقدمة للمصنف
ما يقول أئمة الدين علماء المسلمين في رجلين تكلما في:
* لبس رسول الله ﷺ؟
* وفي آلته؟ وفي آلة حَرْبِه مثل الحياصة (١) التي تحزم في الوسط والسيف والتركاش وهي الكنانة والقوس والنّشاب (٢) والحمال والبغال والخيل والغنم؟
_________
(١) الحياصة: اسم لما يسميه الناس المنطقة، والمنطق بكسر ما شددت به وسطك، والنطاق والمنطق واحد (المصباح المنير) (نطق) .
(٢) والكنانة: ويقال لها: الجعبة، وهي بكسر الكاف، وهي ظرف السهام، وتكون تارة من جلد، وتارة من خشب. (صبح الأعشى (٢/١٥٨٠» .
وأما: (القوس): فالقسي على ضربين:
أحدهما: العربية، وهي التي من خشب فقط، ثم إن كانت من عود واحد قيل لها (قضيب) وإن كانت من فلقين قيل لها (فلق) .
الثاني: الفارسية، وهي التي تركب من أجزاء من الخشب والقرن والعقب والغراء.
ولأجزائها أسماء يخص كل جزء منها اسم، فموضع إمساك الرامي من القوس يسمى: المقبص، ومجرى السهم فوق قبض الرامي يسمى: كبد القوس، وما يعطف من القوس يسمى: سية القوس، وما فوق المقبض من القول وهو ما على يمين الرامي يسمى: رأس القوس، وأما أسفله وهو على يسار الرامي يسمى: رجل القوس. (صبح الأعشى) (٢/١٥٠.) .
وأما: (النشاب): النشاب: النبل واحدته نشابة. =
1 / 17
* وملابسه من القماش مثل الجوشن والخف والمهماز (١) وغيره من آلة الحرب هل كان يتخذ ذلك؟
* وهَل كان يجمع من ذلك شيئا كثيرًا؟
* وفي لباسة أصحابه أيضا؟
* ومَا يُبَاحُ ويحرم من ذلك؛ من الذهب والفضة والحرير؟
_________
= والناشب ذو النشاب ومنه سمي الرجل ناشبا والناشبة قوم يرمون بالنشاب. والنشاب: السهام وقوم نشابة يرمون بالنشاب.
(لسان العرب) (نشب) .
(١) (الجوشن): اسم الحديد الذي يلبس من السلاح.
والجوشن: الدرع، وقيل الجوشن من السلاح: زرد يلبسه الصدر.
(لسان العرب) (جشن)
(المهماز):المهمزة، وهي عصا في رأسها حديدة ينخس فيها الحمار.
والمهامز: مقارن النخاسين التي يهمزون بها الدواب لتسرع، واحدتها: مهمزة وهي المقرعة والمهمزة والمهماز: حديدة تكون في مؤخر خف الرائض. وسيأتي الكلام عليها ص٥٧.
(لسان العرب) (همز) .
1 / 18
الحمد لله وحده
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم
الحمد لله رب العالمين
ما كان يتخذه النبي ﷺ من أسلحة للحرب
١- كان النبي ﷺ يَتَّخِذ:
(١) "السَّيف".
(٢) و"الرُّمح".
(٣) و"القَوس".
(٤) و"الكنانة"؛ التي هي الجُعْبَة للنّشاب وهي من جُلُود.
ما كان يلبسه النبي ﷺ في الحرب
٢- وكان يَلْبس على رَأْسِهِ:
- "البيضة" (١)؛ التي هي الخوذة.
- و"المغْفَر" (٢) .
_________
(١) (البيضة): البيضة وهي آلة من حديد توضع على الرأس لوقاية الضرب ونحوه وليس فيه ما يرسل على القفا والآذان وربما كان ذلك من زرد. (صبح الأعشى) (٢/١٥٠) .
(٢) (المغفر): بكسر الميم وهو كالبيضة إلا أن فيه أطرافا مسدوله على قفا الابس وأذنيه وربما جعل منها وقاية لأنفه أيضا، وقد تكون من زرد أيضا.
(صبح الأعشى) (٢/١٥٠) .
1 / 19
٣- وعلى بَدَنِهِ: "الدِّرع" التي يقال لها السّردية والزّردية (١) .
ما كان يلبسه النبي ﷺ من أنواع اللباس
٤- ويلبس:
(١) "القميص".
(٢) و"الجُبَّة" (٢) .
(٣) و"الفروج" (٣) الذي هو نحو القباء، والفرجية.
٥- ولَبِسَ: "القباء" أيضًا.
٦- ولَبِسَ في السَّفَر: "جُبَّة" (٤) ضَيِّقة الكُمَّين.
٧- ولَبِسَ: "الإِزَار" و"الرِّداء".
٨- واشترى: "رِجْل سَرَاوِيل" (٥) .
_________
(١) (الدرع): هو جبة من الزرد المنسوج يلبسها المقاتل لوقاية السيوف والسهام وهي تذكر وتؤنث (صبح الأعشى) (٢/١٥١) .
(الزرد): حلق المغفر، والدرع الزردة حلقة الدرع والسرد ثقبها، والجمع زرود.
والزرد مثل السرد، وهو تداخل حلق الدرع بعضها في بعض. (لسان العرب) (زرد) .
(٢) (الجبة): ضرب من مقطعات الثياب تلبس، وجمعها جبب وجباب.
والجبة: من أسماء الدرع، وجبة الرمح: ما دخل فيه من السهام.
(لسان العرب) (جبب) .
(٣) (الفروج): بفتح الباء: القباء، وقيل: الفروج قباء فيه شق من خلفه.
(لسان العرب) (الفرج) .
(٤)، (٥) يأتي تخريج ذلك ص (٤٠) .
1 / 20
٩- وكانوا يلبسون: "السَّراويلات" أيضًا بإذنه.
١٠- وكان يَلْبَس: "الخُفَّين"، ويَمْسَح عليهما (١) .
١١- ويَلْبَس: "النِّعال" التي تُسَمَّى: التَّواسم (٢) .
ما كان يتخذه النبي ﷺ من دواب للركوب وغيره
١٢- وكان يَرْكَب:
(١) "الخيل".
(٢) و"الإبل".
(٣) و"الحمير".
١٣- وركب:
(٤) "البغلة" أيضًا.
صفة ركوبه ﷺ للدواب
١٤- وكان يركب: "الفَرَس":
- تارةً عَرِيًّا (٣) .
- وتارة مُسَرّجًا، ويطرده.
_________
(١) يأتي تخرج ذلك ص (٣٨) .
(٢) مفردها: "تاسومة". وراجع: "زاد المعاد" (١/١٣٩) .
(٣) البخاري (٢٨٦٦) . واللفظ له ومسلم (٢٣٠٧) . (٤٨) عن أنس ﵁: استقبله النبي ﷺ على فرس عري ما عليه سرج في عنقه سيف. =
1 / 21
١٥- وكان:
- يُرْدف خَلْفَه.
- وتارة: يُرْدِف خَلْفَهُ وقُدَّامه؛ فيكونون ثلاثة على دابة (١) .
ما كان يملكه النبي من دواب وسلاح في حياته وبعد مماته
١٦- وكان يتخذ: "الغَنَم" أيضًا.
١٧- وكان له: "الرَّقِيق" أيضًا.
١٨- ولم يكن يجتمع في مُلْكِه في الوَقت الواحد من هذه الأُمُور شيء كَثِير.
١٩- بل لمَّا مَات لم يكن عِنْدَهُ من ذلك إلا شيء يَسِير؛ خَلَّفَ دِرْعَه؛ وكانت مَرْهُونة عند يهودي على ثلاثين وَسَقًا من شعيرٍ ابتاعها لأَهْلِهِ.
_________
= فائدة: قال الحافظ ابن حجر ﵀: "العري: بضم المهملة وسكون الراء، أي: ليس عليه سرج ولا أداة ولا يقال في الآدميين إنما يقال عريان، قاله ابن فارس: قال وهي من النوادر..
وفيه: ما كان عليه النبي ﷺ من التواضع والفروسية البالغة، فإن الركوب المذكور لا يفعله إلا من أحكم الرموب وأدمن على الفروسية
وفيه تعليق السيف في العنق إذا احتاج إلى ذلك حيث يكون أعون له.
وفي الحديث ما يشير إلى أنه ينبغي للفارس أن يتعاهد الفروسية ويروض طباعه عليها، لألا يفجأه شدة فيكون قد استعد لها" (فتح الباري) (٦/٧٠) .
(١) راجع: "زاد المعاد" (١/١٥٩) وللحافظ ابن منده جزء فيمن أردفهم النبي ﷺ وهو مطبوع وقد أوردهم وزاد عليهم الصالحي في "سبل الهدي والرشاد" (٧/٦٠٦-٦١٧) .
1 / 22
الأحاديث الواردة في ذلك
٢٠- وفي "صحيح البخاري" (١) عن عمرو بن الحارث -ختن رسول الله ﷺ أخي جويرية بنت الحارث- قال:
"ما تَرَكَ رسول الله ﷺ عند موته دينارًا ولا درهمًا، ولا عبدًا ولا أمةً، ولا شيئًا إلا بغلته البيضاء وسلاحه، وأرضًا جعلها صدقةً".
٢١- وفي "صحيح مسلم" (٢) عن عائشة قالت: "ما ترك رسول الله ﷺ دينارًا ولا درهمًا، ولا شاة ولا بعيرًا، ولا أوصى بشيء".
٢٢- وعن ابن عباس: أن رسول الله ﷺ مات ودرعه رهنٌ عند يهودي بثلاثين.
وروي: "بعشرين صاعًا من شعير؛ أخذه لأهله".
رواه أهل السنن، وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح" (٣) .
_________
(١) البخاري (٤٤٦١) .
(٢) مسلم (١٦٣٥) (١٨) .
(٣) الترمذي (١٢١٤) وعنده: "بعشرين صاعا من طعام"، والنسائي (٧/٣٠٣) وابن ماجة (٢٤٣٩) وأحمد (١/٢٣٦،٣٦١) والدارمي (٢٥٨٥) .
وعندهم: "بثلاثين صاعا من شعير".
وهو بهذا اللفظ أيضا: عند البخاري (٤٤٦٧) من حديث عائشة ﵂.
1 / 23
٢٣- وفي الصحيحين (١) عن عائشة ﵂: أن النبي ﷺ اشترى من يهودي طعامًا إلى أجل، ورهنه درعًا له من حديد.
٢٤- وكذلك في البخاري (٢) عن أنس بن مالك: قد رهن النبي ﷺ درعه بشعير.
ما في الأحاديث من فوائد
٢٥- فهذه الأحاديث تبين:
أنه حين الموت لم يكن عنده خيل ولا إبل ولا غنم ولا رقيق وإنما ترك البغلة والسلاح وبعض السلاح مرهون.
٢٦- ولكن ملك هذه الأمور في أوقات متفرقة.
٢٧- والمعروف: أنه كان يكون عنده الواحد من ذلك، فيكون له فرس واحد، وناقة واحدة.
٢٨- ولم يملك من "البغال" إلا بغلة واحدة، أهداها له بعض الملوك، ولم تكن البغال مشهورة بأرض العرب.
بل لما أهديت له البغلة، قيل له: ألا ننزي الخيل على الحمر؟
_________
(١) البخاري (٢٠٦٨) ومسلم (١٦٠٣) (١٢٦) .
(٢) البخاري (٢٥٠٨) .
1 / 24
فقال: "إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون" (١) .
٢٩- وكذلك: آلات السلاح كـ:
"السيف" و"الرمح" و"القوس".
لم يذكر عنه أنه كان يقتني لنفسه أكثر من واحد.
٣٠- وأما "الغنم":
فقد روي (٢): أنه اقتنى مائة شاة؛ وقال: "إن لنا مائة شاة، لا نريد أن تزيد، فكلما ولّد الراعي بهمة ذبحنا مكانها أخرى".
_________
(١) أحمد (٧٦٦، ٧٨٥، ١٣٥٩)، وأبو داود (٢٥٦٥)، والنسائي () ٦/٢٢٤١ وابن حبان (٤٦٨٢) والبيهقي (١٠/٢٢) . وصححه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على "المسند."
"الذين لا يعلمون": قال الطحاوي ﵀: "أي أنهم يتركون بذلك لإنتاج ما في ارتباطه الأجر، وينتجون ما لا أجر في ارتباطه".
"شرح معاني الآثار" (٣/٢٧١) .
(٢) رواه أحمد (٤/٣٣،٢١١)، وأبو داود (١٤٧٢)، والبخاري في "الأدب المفرد" (١٦٦) والحاكم (٤/١٢٣) وابن حبان (٣/٣٣٢) والبيهقي (٧/٣٠٣) .
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (١٣٠،١٣١)
"بهمة": قال الخطابي ﵀: "البهمة ولد الشاة أول ما يولد، يقال للذكر والأنثى: بهمة". "معالم السنن" (١/١٠٥) .
1 / 25
آلات الحرب في القرآن الكريم
٣١- وقد ذكر الله تعالى: آلات الحرب في كتابه:
السيف
٣٢- فقال في "السيف":
﴿سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ﴾ (الأنفال: من الآية١٢) .
٣٣- وقال: ﴿فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ﴾ (محمد: من الآية٤) . وهذا الضرب للأعناق وبنان الأصابع هو بـ"السيف".
القوس والنشاب
٣٤- وقال في "القوس والنشاب":
﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ﴾ (الأنفال: من الآية٦٠) .
٣٥- وفي "صحيح مسلم" (١) عن عقبة بن عامر: أن النبي ﷺ قرأ وهو على المنبر: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ﴾ (الأنفال: من الآية٦٠) .
ثم قال: "ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي".
_________
(١) مسلم (١٩١٨) (١٦٧) . وللحافظ أبي يعقوب القراب ﵀ (ت٤٢٩هـ) جزء في "فضائل الرمي في سبيل الله" وهو مطبوع.
1 / 26
٣٦- وفي "صحيح مسلم" (١) عنه أيضًا أنه قال: "ارموا واركبوا وأن ترموا أحب إلي من أن تركبوا، ومن تعلم الرمي ثم نسيه فليس منا".
وفي رواية: "فهي نعمة جحدها" (٢) .
الرماح
٣٧- وكذلك "الرماح":
قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ﴾ (المائدة: من الآية٩٤) .
وقد فسرت بالرماح المتصلة باليد.
وفسرت بالنشاب أيضًا.
الدرع
٣٨- وكذلك "الدرع":
٣٩- قال تعالى في قصة داود: ﴿وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ﴾ (الأنبياء: من الآية٨٠) .
_________
(١) الذي في مسلم عنه (١٩١٩) (١٦٩) هي الجملة الأخيرة بلفظ: "من علم الرمي ثم تركه فليس منا أو قد عصى". وأكمل اللفظ الذي ذكره المصنف فهو عند أحمد (٤/١٤٤، ١٤٦، ١٤٨) وأبي داود (٢٥١٣) والترمذي (١٦٣٧) وقال: "حديث حسن صحيح" وابن ماجة (٢٨١١) والدارمي (٢٤٠٥) والطيالسي (١٠٠٧) .
(٢) الطبراني في "المعجم الصغير" (٥٤٣) وفي الأوسط (٤١٧٧) بلفظ: "فهي نعمة كفرها".
1 / 27
٤٠- وقال: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلًا، يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ، وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ﴾ (سبأ: ٩، ١٠) .
فكان الحديد بيده بمنزلة العجين.
والسابغات: هي الدروع الكاملة التي تكون لها أيدي وأفخاذ.
٤١- وقال تعالى: ﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ، كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ﴾ (النحل:٨١) .
1 / 28
آلات الحرب في السنة المطهرة
٤٢- وقد جاء ذكر هذه الأمور في الأحاديث عن النبي ﷺ مفرقًا:
السيف
٤٣- فأما "السيف":
٤٤- ففي "الصحيحين" (١) عن أنس قال: كان النبي ﷺ أحسن الناس، وأشجع الناس، وأجود الناس.
ولقد فزع أهل المدينة فزعًا ذات ليلة، فخرجوا نحو الصوت. فاستقبلهم النبي ﷺ، وقد سبق الناس إلى الصوت، وقد استبرأ الخبر، وهو يقول: "لم تراعوا، لم تراعوا".
ثم قال: "إن وجدناه لبحرًا" أو قال: "إنه لبحر".
٤٥- وعن ابن عباس: أن رسول الله ﷺ تنفّل سيفه "ذا الفقار" يوم بدر.
رواه الإمام أحمد، وابن ماجه والترمذي، وقال: "حديث حسن" (٢) .
_________
(١) البخاري (٦٠٣٣) ومسلم (٢٣٠٧) (٤٨) .
"لم تراعوا": أي روعًا مستقرًّا أو روعًا يضركم.
"وجدناه بحرًا": أي واسع الجري. "شرح النووي لمسلم" (١٥/٦٧، ٦٨) .
(٢) رواه أحمد (١/٢٧١) والترمذي (١٥٦١)، وقال: "حديث حسن غريب"، وابن ماجه (٢٨٠٨)، وصححه الحاكم (٢/١٤١، ٣/٤٢) .
1 / 29
أشياء لا أصل لها بين الناس
٤٦- وأما ما يذكره بعض الناس:
- أن "ذا الفقار" (١) كان سيفًا منزلًا من السماء!
- وأنه كان لـ"علي"، وكان يطول إذا قاتل به!
فكل هذا كذب باتفاق أهل المعرفة بهذه الأمور.
٤٧- وكذلك: ما يذكره بعض الناس من أنه كان للنبي ﷺ سبعة أسياف؛ لا أصل له (٢) .
_________
(١) قال المصنف ﵀: "وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم أحد قال: رأيت في سيفي ذي الفقار فَلًاّ فأوّلته فلا يكون فيكم، ورأيت أني مردف كبشا، فأولته كبش الكتيبة، ورأيت أني في درع حصينة فأولتها المدينة ورأيت بقرا تذبح فبقر والله خير. فكان الذي قال رسول الله ﷺ. وهذا الكذب المذكور في ذي الفقار من جنس كذب بعض الجهال أنه كان له سيف يمتد إذا ضرب به كذا وكذا دراعا وهذا مما يعلم العلماء أنه لم يكن قط لا سيف علي ولا غيره، ولو كان سيفه يمتد لمده يوم قاتل معاوية" "منهاج السنة النبوية" (٨/١٠٣) .
(٢) ذكر الحافظ ابن القيم ﵀ أن النبي ﷺ كان له تسعة أسياف فقال:
"كان له تسعة أسياف: "مأثور"، وهو أول سيف ملكه ورثه من أبيه و"العضب" و"ذو الفقار" بكسر الفاء وفتح الفاء وكان لا يكاد يفارقه، وكانت قائمته وقبيعته وحلقته وذؤابته وبكراته ونعله من فضة، و"القلعي"، و"البتار"، و"الحتف" و"الرسوب"، و"المخذم" و"القضيب"" "زاد المعاد" (١/١٣٠) .
وكذا عده تسعا: ابن جماعة في "مختصر السيرة".
ونفله عنه التلمساني في "تخريج الدلالات السمعية" (٤٠٩) .
وكذا عدها تسعا: الحافظ العراقي ﵀ في ألفيته للسيرة (٢٦٨- بشرح المناوي) .
وعدها الصالحي أحد عشرة سيفا "سبل الهدى والرشاد" (٧/٥٨١-٥٨٤) .
1 / 30