واعلم أن هذا الوجه مبنى على أصلين:
أحدهما: على أن نفس الإيمان بالله وعبادته ومحبته وإجلاله هو غذاء الإنسان وقوته وصلاحه وقوامه كما عليه أهل الإيمان، وكما دل عليه القرآن، لا كما يقول من يعتقد من أهل الكلام ونحوهم: إن عبادته تكليف ومشقة وخلاف مقصود القلب لمجرد الامتحان والاختبار، أو لأجل التعويض بالأجرة كما يقوله المعتزلة وغيرهم؛ فإنه وإن كان فى الأعمال الصالحة ما هو على خلاف هوى النفس، والله - سبحانه - يأجر العبد على الأعمال المأمور بها مع المشقة، كما قال تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ﴾ الآية [التوبة: ١٢٠]، وقال ﷺ لعائشة: " أجرك على قدر نصبك " - فليس ذلك هو المقصود الأول بالأمر الشرعى، وإنما وقع ضمنا وتبعا لأسباب ليس هذا موضعها، وهذا يفسر فى موضعه.
ولهذا لم يجئ فى الكتاب والسنة وكلام السلف إطلاق القول على الإيمان والعمل الصالح: أنه تكليف، كما يطلق ذلك كثير من المتكلمة
1 / 36