سَلُوا اللَّهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا دَرَجَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا ذَلِكَ الْعَبْدُ، فَمَنْ سَأَلَ اللَّهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ عَلَيْهِ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .
وفي صحيح البخاري أنه قال: «مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ، إِلَّا حَلَّتْ عَلَيْهِ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .
فهذه الأنواع من الأدعية هي حقّ له علينا نفعله في كل صلاة، وعند كل أذان، وفي كل مكان، وليس هذا لغيره من الأنبياء والصالحين، والمشروع عند القبر إنما هو السّلام عليه، فإن هذا مشروع لمن كان يصل إلى قبره، لما كانوا يدخلون على عائشة، كما يشرع السّلام على سائر موتى المؤمنين، وأما من لم يدخل إلى قبره، فإن كان بعيدًا فقد تعذر عليه هذا السّلام، ثم قيل: كل من خرج /٢٩أ/ عن الحجرة فهو بعيد، وقيل: بل القريب إليها كالداخل فيها (١) .
والسّلام عليه في الصّلاة أفضل، وأكمل، وأشمل، والسّلام عليه في المسجد في غير الصّلاة، كما يصلي عليه في المسجد في غير الصلاة، هو مشروع باتفاق العلماء، لكن قيل: إنه يستقبل الحجرة، وهو سلام التحية، وقيل: بل يستقبل القبلة، وإن ذلك ممتنع لا يمكن إلا إذا وصل إلى القبر، وذلك ممنوع منه بالحجاب؛ لأنه يفضي إلى المفسدة، فلهذا
_________
(١) في حاشية الأصل كلمة مبتورة، لم تظهر كاملة في المصورة.
1 / 78