من الصلاة عند غيرها؛ لما في النفوس من الشرك، والذين يفعلون ذلك /٢٢أ/ يرون أنهم يتقربون بذلك إلى الله تعالى (١)، وأن ذلك من أفضل أعمالهم، وهم ملعونون، قد لعنهم الله ورسوله، كما قال ﷺ: «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى // اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» وهم من شرار الناس، كما قال ﷺ: «إِنَّ مِنْ شِرَارِ النَّاسِ مَنْ تُدْرِكُهُمُ السَّاعَةُ وَهُمْ أَحْيَاءٌ، وَالَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ» .
وفي الصحيحين أنه ذُكر له كنيسة بأرض الحبشة، وذكر من حسنها وتصاوير فيها، فقال: «إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا مَاتَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ التَّصَاوِيرَ، أُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، فلما كان دفنه في بيته من خصائصه؛ لئلا يتخذ قبره مسجدًا، فهو ﷺ قد نهى أن يتخذ قبره عيدًا، أي يجتمع عنده في أوقات معتادة، فقال: «صَلُّوا عَلَيَّ حَيْثُمَا كُنْتُمْ، فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي» فكذا زيارة قبر غيره من عموم المؤمنين للسلام عليه والدعاء له، لا يفضي إلى أن يتخذ قبره مسجدًا، وعيدًا، ووثنًا، وأما هو ﷺ فقد دفن في بيته؛ لئلا يتخذ قبره مسجدًا.
ومقصود الزيارة في حق غيره إنما هو السلام عليه، والدعاء له، كالصلاة على جنازته، والرسول ﷺ قد أمرنا أن نسلم عليه في صلاتنا، ونصلي عليه، وصلاتنا وسلامنا يصل إليه حيث كنا، وهذا لم نؤمر به في حق غيره على الخصوص، فغيره إذا /٢٢ب/ زرنا قبره قد يحصل له من دعائنا له ما
_________
(١) في خ٢: ﵎ .
1 / 65