فلنمتن حيطان ثقافة أبنائنا ولا ننح باللوم على مدير التربية وأعوانه إذا قصر أبناؤنا، ولنسهر على أولادنا، فهم في حاجة إلى ذلك. وإذا سهرنا على تصرفهاتهم المسلكية، في الفرص المدرسية - وما أكثرها - أمنا وقوع الكارثة.
فيا أيها الآباء المحترمون، فلتكن أعينكم على بنيكم عشرة عشرة، كما يقولون: ففي هذه السن يتقرر مصيرهم. لا أريد بهذا أن تضايقوهم فيتمنوا زوالكم - كما قال معاوية - بل خذوهم بالحسنى، ولا تجعلوا نصحكم لهم مصارعة؛ لئلا تصرعوا معا. وإذا رأيتم أقل فتور بين ابنكم والكتاب، فحاولوا أولا أن تؤلفوا بينهما، وإلا فتداركوا ذلك بالمفارقة، فنصف الدرب ولا كلها.
الزبيبة والعود
(1) قوانين وتشريفات
نحن في لبنان نغطي السماوات بالقباوات، نفصل القوانين على قد الأفراد، من محاسيبنا وأنصارنا، وفي الوقت عينه نتوسل بها ونضعها لنطرد إلى الظلمة البرانية من ليسوا على غرضنا، أو من مسوا في محنتنا قدس أقداس ذاتنا بكلمة حق، بينما كان ينتظر منهم أن يداجونا ويحابونا؛ ليحوزوا على رضانا الشاهاني. لكأني بهؤلاء يجهلون أن للسيادة أطوارا مثل غيرها: شبابا، وكهولة، وشيخوخة. لم تعظهم حكايات تابوت العهد، ولكل عهد تابوت، فبعد ما كان من يمسه يصعق جره ثوران جرا ...
إن كل دولة من دولاتنا تنفق أكثر مما كانت تنفقه دولة سلطان بني عثمان، فذاك السلطان لم يكن يزور أحدا، كان كرئيس أميركا اليوم، لا يخرج من دياره. أما رؤساء دولنا اليوم، فشمامون هوا، قطافون ورد ... كأن لا عمل لهم في بلادهم ودواوينهم، فهناك من يعمل عنهم فيكفيهم مئونة مداورة الشئون ومعالجة الشجون ... لا نسمع إلا بمؤتمرات تعقد هنا وهناك يذهب إليها هذا الوزير أو ذاك المدير والسفير ويعود منها مظفرا ... وتتناول الصحافة الموالية له الحديث فتجعل من الحبة قبة، ونحن نكون قد دفعنا ثمن هذه الحبة ما لو أنفق على أحقر قرية، لرفه عنها وجعل جحيمها نعيما.
تبنيج
ومنذ وجدت هذه الدولة اللبنانية وحديث المشاريع الإنشائية يملأ آذاننا وقلوبنا. والحياة، لولا الأمل، لا تطاق. كلما تبدل حكم وضع الشعب على المشرحة وجاءوا بالإبر والكمامة؛ ليبنج؛ ليبنجوه بالمشاريع الإنشائية ... وكلما دنت الانتخابات قالوا لنا: في الميزانية القادمة نفعل كذا وكذا، والجالسون على كرسي موسى يبحبحون حصة النائب الراضين عنه؛ تمهيدا لفوزه، وسيان عندهم أعمل أم لم يعمل للشعب، فالغاية تبرر الواسطة.
الغاية أن يفوز فلان بالنيابة؛ لينتخب فلانا للرئاسة، أو يؤيد آخر للوزارة الأولى. وهكذا نمشي إلى النهاية على ضوء: حك لي أحك لك.
حدثني الدكتور أبو حيدر، وأنا في المستشفى، عن طريقته الحديثة عندما جاء يبنجني، فقلت له: أما في طبكم مشاريع إنشائية، إنها أقوى بنج وأحدث طريقة! ففي وزارة الثالوث سنة 1951 بنجوني بالتليفون، ولو كانوا صدقوا لما جئتكم على آخر نفس. وفي عهد تلميذي الوزير الشاعر الدكتور سليم حيدر نمت على صوف، ثم راح، واستيقظت من البنج، وأنا لا أزال على شوك.
Bog aan la aqoon