376

Qabas Fi Sharh Muwatta

القبس في شرح موطأ مالك بن أنس

Tifaftire

الدكتور محمد عبد الله ولد كريم

Daabacaha

دار الغرب الإسلامي

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٩٩٢ م

Noocyada

يتغير، وإنما ضرب له ذلك النبي ﷺ، مثلًا عبّر به عن وعيد الله تعالى في الزنا وعن عقوبته عليه في الدنيا بالجلد والرجم، وفي الآخرة بالنار.
والغيور إذا وجد في نفسه الحفاظ قال وفعل فعبّر النبي ﷺ، عن وعيده وعذابه بالغيرة تقريبًا له إلى الأفهام على ما قدمناه لكم من قبل (١).
غائلة وبيان: قال النبي ﷺ: "يَا أمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاللِّه لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كثِيرًا" (٢).
هذا موضع هوَّلت به المبتدعة والملحدة على أهل الدين فقالوا إن فيما أخبر به النبي ﷺ، من أخبار الآخرة أمورًا عظيمة ومعاني غريبة وذكروا باطلًا كثيرًا، وليس في قوله: "لَوْ تَعْلَمْونَ مَا أَعْلَمُ" إلا أحد معنيين.
الأول: أن معناه لو علمتم عذاب الله بالمشاهدة، كما رأيته أنا في النار، لبكيتم، أو يكون معناه لو دام علمكم كما يدوم علمي لأن علم الأنبياء صلوات الله عليهم متواصل لا يقطعه جهل ولا يدركه سهو وعلومنا تدخل عليه (الخيالات) (٣) والغفلات بالانهماك في الشهوات فتركن النفس إلى البطالات حتى تصدأ فلا يصقلها إلا الذكر.
تحقيق: قوله ﷺ "رَأيْتُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ" (٤).
وفي رواية (في عُرْضِ هذَا الْحَائِطِ) (٥) قد بينا لكم أن الإراك يخلفه الله ﵎ متى شاء لمن شاء حتى يدرك وهو في مقامه من العرش إلى الفرش، ومن آخر الملكوت

(١) قلتُ: والحق أننا نؤمن بهذه الصفة وغيرها من الصفات الواردة في الكتاب والسنة الصحيحة. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: أهل السنة والجماعة يؤمنون بما أخبر الله به في كتابه العزيز من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، بل هم الوسط مع فرق الأمة، كما أن الأمة وسط في الأمم، فهم وسط في صفات الله ﷾ بين أهل التعطيل الجهمية وأهل التمثيل المشبهة. مجموع الفتاوى ٣/ ١٤١ وسيأتي كلام ابن عبد البر.
(٢) هذا جزء من الحديث السابق ص ٣٨١.
(٣) زيادة من (م) و(ك).
(٤) جزء من حديث ابن عباس السابق.
(٥) البخاري في مواقيت الصلاة باب وقت الظهر عند الزوال وقال: كان النبي ﷺ يصلي بالهاجرة ١/ ١٤٣، وفي كتاب الاعتصام باب ما يكره من كثرة السؤال وتكلف ما لا يعنيه، وقوله تعالى ﴿لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾ البخاريَ ٩/ ١١٨ من حديث أنس وفيه: عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ آنِفًا في عُرْضِ هذَا الْحائطِ فلَمْ أَر الْيَوْمَ كالْخيْرِ والشَّرِّ.

1 / 382